ARAP DILI VE EDEBIYATI - HİKAYELER
 

ANA SAYFA
UYE GIRIS
ARAP DILI VE EDEBIYATI
=> ARAP DİLİ
=> ARAP EDEBİYATI
=> ARAPÇA İNGİLİZCE KARŞILIKLI KELİME
=> HİKAYELER
=> HIKAYE KITABI
=> meşhurlar
=> arap ülkeleri
=> kültür
ARAPÇA GRAMER DERSLERI
RESIMLERLE ARAPCA
HABERLER
RESIM GALERISI
BIZIM GAZETEMIZ
ORTAKOY
RADYO VE TELEVIZYON
SEVGI
MP3 PLAYER
ILETISIM
ZIYARETÇI DEFTERI
SITE HAKKINDAK YORUMUNUZ
SERBEST KÖSE
PROJE

الملكُ عادل

 

           يُحْكَى أنَّهُ كانَ لِمَلِكٍ مِن الْمُلوكِ بِنْتٌ فى غايَةٍ مِنَ الجَمالِ ,لا تفوقُها فَتاةٌ أ ُ خْرَى فى جَمالِها., فَقَدْ كانَتْ جَميلَةً حَقًّا. يُعْجَبُ بِجَمالِها كُلُّ مَنْ رَآها , ولكِنَّها كانَتْ مُتَكَبِّرَةً , مَغْشوشَةً فى نَفْسِها, لا يُعجِبُها أحَدٌ , وَ لا تَحْتَرِمُ غَيْرَ هاَ , ولا تُحاَفِظُ عَلَى شُعورِ  إنْسانٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ إِ لَيْها كَثيرٌ مِنَ الْمُلوكِ وَاْلأمَراءِ  لِخِطْبَتِها

وَتَزَوُّجِها, فَرَ فَضَتْهُمْ جَميعاً, وَلَمْ تَرْضَ بأَِحَدٍ مِنْهُمْ , وَا حْتَقَرَتْهُمْ, وَ أَظْهَرَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ عَيْباً مِنَ الْعيوبِ ,وَ أَخَذَتْ تَضْحَكُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَخْطُبُها,  وَ تَهْزَ أُ بِهِ ,وتُسَمِيّهِ اسْماً مِنَ الأْ سْماءِ المُضْحِكَةِ.

 

         وفى لَيْلَةٍ مِنَ الَّليالىِ أقامَ أبوهاَ حَفْلاً عَظيماً, دَعا إِلَيْه الْمُلُوكَ  وَ اْلأمرَاءَ وَالْعُظَماءَ , اللَّذينَ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَتَزوَّجُوهاَ., لِتَخْتارَ مِنْهُمْ زَوْجاً لَها, وَقَدْ جَلَسوا جَميعاً فى صَفٍّ وَاحِدٍ, وَرُتِّبوا عَلَى حَسَبِ دَرَجاتِهِمْ  ومَراكِزِهِم ,وَ ألْقابِهِم , مِنْ مُلوكٍ وَ أُمَراءَ ,ونُبَلاءَ.ثُمَّ دَخَلَتِ اْلأميَرةُ ,ومَرَّتْ باِلْحاضِرينَ جَميعاً, فاحْتَقَرَتْهُم, وَهَذِءَتْ بِهِم .,لِغَطْرَ سَتِهاوَتَكَبُّرِهاَ, وَأَعْطَتْ كُلاًًّ مِنْهُمْ لَقَباً مِنَ اْلأَلْقابِ,

          أَوْ صِفَةً مِنَ الصِّفاتِ الْمُخْزِ يَةِ. فَقالَتْ عَنِ اْلأَوَّلِ: إِنَّهُ سَمينٌ جِداًّ, مُسْتَديرُ الشَّكْلِ كالناَّجودِ (كاَلْبرمِيلِ). وَقالَتْ عَنِ الثاَّنىِ:إِنَّهُ طَويلٌ كَعَمودِ النُّور, وَعَنِ الثالثِ: إِنَّهُ قَزَمٌ قَصيرُ الْقامَةِ, وَعَنِ الرَّابِعِ: إِنَّهُأصْفَرُ اللَّوْنِ كالْكُرْكُمِ, وَعَنِالْخامِسِ: إِنَّهُ أحْمَرُ اللَّونِ كَعُرْفِ الدّيكِ, وَعَنِ السّاَدِسِ: إِنَّهُ كالعَصَا الْخَضْراءِ الََّتى  تُوضَعُ فَوْقَ فُرْنِ الخَباَّزِ لِتَجِفَّ., ِلأَنَّهُ غَيرُ مُعْتَدِلِ الْقامَةِ كَما يَنبَغىِ. وَحَينَما مَرَّت باِلساَّبعِ...وَ كانَ مَلِكاً مِنْ أَحْسَنِ الْمُلُوكِ, وَأَغْناهُمْ, وَ أَكثَرِهِم صَبرًا ,وَ أَقْوَاهُم شخصِيَّةً, و أعظمِهِم فىحَلِّ ماَيَعْتَرِضُهُ مِنَ المُشْكِلاتِ فى الحياةِ . وَأَ كْثَرِهِمْ شَجاَعَةً وَذَكاءً وَحُسنَ تَفكِيرٍ وَ تَدبيرٍ...وَقَفَتْ بِجانِبِه, وَضَحِكَتْ مِنْهُ كَثيراً, وَهَذِءَتْ بِهِ كَثيراً, وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ نَظَرَةً كُلُّها اسْتِهْزَاءٌ و استِهانَةٌ بِهِ. فَضَحِكَ الخاضِرُنَ جَميعاً لِنَظَرَتِها إِلَيْهِ, وَقَدْتَأَلَّمَ هذَا الْمَلِكُ الشَّابُّ أَلَمالاَ نِهايَةَ لَهُ.,لِما لَحِقَهُ مِنَ اْلأِهانَةِ وَا ِلاحْتِقارِ , وَهُوَ ضَيْفٌ , وَلِضَحِكِ الْحاضِرينَ مِنْهُ, وَسُخْرِيَةِ اْلأَمِيرَةِ الْقَليلةِ  الذَّوْقِ بِه. وَقامَ مُحْتَجاًّ, وَ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ الْحَفْلَ , فَا عْتَذَرَ الْمَلِكُ أَ بُو ا ْلأميرةِ لَهُ, وَطَرَدَها مِنَ الْمَأْدُبَةِ. وقَدْ قَبِلَ الضَّيْفُ الاِ عْتِذَارَ , ولَمْ يَخْرُجْ.

         وَقَدْ تَأ َلَّمَ الْمَلِكُ أَلَماً شَدِيداً , لِسوءِ أخْلاقِ ابْنته, وَقِلَّةِ أَدَبِها, وَقِلَّةِ ذَوْقِها فى مُعا مَلَتِها لِلضيُّوفِ , وَضَحِكِها مِنْهُمْ, وَاسْتِهْزاءِها بِهِم , وتَكَبُّرِها عَلَيْهِمْ, وَإِهانَتِها لَهُمْ. وَغَضِبَ مِنْها غَضَباً شَديداً , وَخَجِلَ مِنْ سُوءِ تَصَرُّفاتِها وَأَلْفاظِها وَكَلامِها خَجَلاً كَثيراً.

         ونَذَرَ لِلهِ نَذْرًا أَمامَ الْحاضِرينَ , أَنْ يُزَوَّجَها أَوَّلَ ساءِلٍ (شَحَّاذ) يَأْتىِ أَمامَ الْبابِ لِيَطْلُبَ صَدَقَةً أَوإِحْساناً, سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ أَمْ لَمْ تَرْضَ .,عِقاباً لَها عَلَى وقاحَتِها ,وقِلَّةِ ذَوْقِها, وبَذاءَةِ كَلامِها ,وَسُوءِ أَدَبِها وَأَخْلاقِها , وَقُبْحِ مُعامَلَتِها لِضُيوفِ أَ بِيها مِنَ الْخُطَاّبِ , الرَّ اغِبينَ فى تَزَوُّ جِها, فأُعْجِبَ المَدْعُوُّونَ بِهذِهِ الْعُقوبَةِ, وهذا الْحُكْمِ الَّذى وَعَدَبِهِ أَبوهَا.

 

        وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَياَّمٍ مِنْ هذِهِ الْمأْدُبَةِ , أَ تَى إِلَى الْقَصْرِ ساءِلٌ (شَحَّاذٌ) زَمَّارٌ مِنَ السَّاءِلي نَ , وَوَقفَ بِبابِ قَصْرِ الْمَلِكِ , وَأَخَذَ يَلْعَبُ بِمِزْمارِهِ , وَيُغَنّى تَحْتَ النَّافِذَةِ, وَيَطْلُبُ مِنَ الْحارِسِ إحْساناً أَوْ صَدَقَةً, فَسَمِعَهُ الْمَلِكُ و هُوَ يَزْمُرُ وَ يُغَنّىِ , فَأَمَرَ الْحَرَسَ أنْ يَسْمَحوا لِهذَا  السّاَءِلِ بِالدُّخولِ, فَسَمَحوالهُ , وَأَ دْخَلُوهُ , وهُوَ شابٌّ زَماََّرٌ مَعَهُ مِزْماَرُهُ , قَوِيُّ الْجِسْمِ, طَويلُ الْقامَةِ عَظيمُ الشَّخْصِيَّةِ, وَلكِنْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ الْفَقْرُ , وَيَلْبَسَ مَلابِسَ قَديمَةً, وَأَرْشَدَهُ الْخَدَمُ إِلى الْحُجْرَةِ , الّتى يَجْلِسُ فيها الْمَلِكُ وَاْلأميرةُ الْمُتَكَبِّرَةُ. 

       فَدَخَلَها, وَانْحَنَى أَمامَهما, وَأَخَذَ يَلْعَبُ بِمِزْمارِهِ تَارَةً , وَيُغَنّى تارَةً أُخْرَى ,مُدَّةً لَيْسَتْ بِالْقَصيرَةِ , وَالْمَلِكُ مَسْرورٌ بِمَنْظَرِهِ , وَ اْلأميرَةُ مُحْتَقِرَةٌ لَهُ . وَبَعْدَ أَنِ انْتَهىَ مِنْ زَمْرِهِ وَغِناءِهِ , طَلَبَ إِحْسانًا وصَدَقَةً مِنَ الْمَلِكِ.

      فَقالَ لهُ الْمَلِكُ : لقَدْ أَحْسَنْتَ الزَّمْرَ, وَأَحْسَنْتَ الْغِناءَ. وَكانَ غِناؤُكَ جَميلاً , وَصَوْتُكَ عَذْباً .وَ ِلإِعْجابِى بِزَمْرِك وَغِناءِكَ, سَأُعْطِيكَ ابْنَتِى ا ْلأَميرَةَ مُكافَأَةً لكَ , لِتَكُونَ زَوْجَتَكَ, وَشَريكَتَكَ فى حَياتِكَ.

      فَسُرَّ الْمُوسِيِقىُّ السَّاءِلُ (الشَّحَّاذُ) سُرورًا كَثيرًا, وَتَأًلَّمَتِ اْلأَميرةُ الْجَميلَةُ الْمـتَكَبِّرَةُ تَأَلُّماً شَديدًا, ورَجَتْ أَباها أَلاَّ يُـزَوِّجَها هذاالسَّاءِلَ.

       فَقالَ لها الْمَلِكُ: لَقَدْ نَذَرْتُ لِلهِ نَذْراً, أَمامَ جَميعِ الْمَدْعُوِّينَ إِلى المأْدُبَةِ, أَنْ تَكونى زَوْجَةً  ِلأَوَّلِ ساءِلٍ يَمُرُّ بِالْقَصْرِ , وَيَطْلُب إِحْساناً أو صَدَقَةً . وَهذا الزَّمَّارُ  الشَّابُّ هُوَ السَّاءِلُ اْلأَوَّلُ الَّذى أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَيْكِ, لِيَكونَ زَوْجاً لَكِ , لَقَدْ نذَرْتُ  هذا النّذْرَ , وَوَعَدْتُ هذا الْوَعْدَ. وَيَجِبُ أَنْ أَفى بِنَذْرى, وَأَصْدُقَ فى وَعْدِى ,وَ أُنَفِّذَ كُلَّ كَلِمَةٍ قُلْتُها, وَ أَوْعَدْتُ بِها.

 

         فَبَكَةِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ بُكاءً مُرّاً , وَاسْتَمَرَّتْ تَتَوَسَّلُ إِلى أَبيها, وتَرْجوهُ أَلاَّيُزَوِّجَها هذا السَّاءِلَ الْفَقيرَ, وَلكنَّ أَباها لمْ يَتَأَ ثَّرْ بِبُكاءِها وَرَجاءِها, وَصَمَّمَ عَلَى تَنْفيذِ ما نَذَرَهُ, وَما أَوْعَدَ بِهِ .وَقَدِ اسْتَمَرَّتِ ابْنَتُه فى بُكاءِها, وَالزَّمَّارُ فَرِحٌ مَسْرورٌ فى نَفْسه., ِلأَنَّهُ سَيَتَزَوَّجُ أَمِيرةً لا مَثيلَ لَها فى الْجَمالِ ,سِنُّها تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَأَمَرَ أَبوها باءِحْضارِ الشَّيْخِ , لِكِتابَةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ, فَحَضَرَ الشَّيْخُ , وكُتِبَ الْعَقْدُ, وَشَهِدَ شاهِدانِ عَلَى الْعَقْدِ. وَتَزَوَّجَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ الْمُوسيقِىَّ السَّاءِلَ(الشَّحَّاذ) ,وَلمْ يُعْمَلْ لَها أَىُّ احتِفالٍ., عِقاباً لَها عَلَى سُوءِ أَخْلاقِها وَأَدَبِها وَإِهانَتِها لِكَثيرٍ مِنَ الْمُلوكِ وَالأُمَرَاءِ الَّذينَ حَضَروا لِخِطْبَتِها, وَبِخَاصَّةٍ الْمَلِكُ عادِلٌ.

       وَحينَما انْتَهى الشَّيْخُ مِنْ كِتابَةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ, قالَ الْمَلِكُ ِلابنَتِه: هذا زَوْجُكِ .قُومى وَاسْتَعِدِىّ لِلذَّهابِ مَعَهُ, وَالسَّفرِ إلَى أَىِّ جِهَةٍ يُسافِرُ إلَيْها, وَاْلأِقامَةِ فى أَىِّ كُوخٍ أَوْبَيْتٍ يُقيمُ فيهِ.ولَنْ تَمْكُثِى هُنا .وَلنْ تَعيِشى مَعَنا .وَيَجِبُ أَنْ تُطيعيهِ فى كُلِّ ما يأْمُرُكِ بِهِ .فَهذا السَّاءِلُ زَوْجٌ لَكِ ,وَهُوَ الْمَسْؤلُ عَنْكِ , وَعَلَيْكِ طاعَتُهُ.

       لمْ تَجِدِ اْلأَميرةُ  فاءِدَةً لِلْبُكاءِ , أَوِ الرَّجاءِ ,أَوِ التَّوَسُّلِ. وَأَحَسَّتْ بِنَتيجَةِ سوءِ أَدَبِها , وَعَرَفَتْ أَ نَّها أَصْبَحَتْ زَوْجَةً لٍلسَّاءِلِ الزَّمَّارِ. فَقامَتْ  وَ اسْتَعَدَّتْ لِلسَّفَرِ  مَعَ زَوْجِها , وَأَخَذَتْ  مَعَها ماخَفَّ حَمْله , وَغَلاَ ثَمَنَهُ , مِنَ الْمَلابِسِ  وَالْجواهِرِ .وَلَمْ يُوَدِّعْها أَحَدٌ مِن اْلأُسْرَةِ, وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْها أَحَدٌ .,لبَذَاءَةِ لِسانِها وَتَكَبُّرِها ,وَسُوءِ أَخْلاقِها.وَقَدْ أضخَذَها زَوْجُها السَّاءِلُ مِنْ يَدِها ,وَسافَرَ بِها فَرِحاً مَسْرُوراً بِزَوْجَتِهِ اْلأَميرةِ ,الَّتى أَهْداها الْمَلِكُ إِلَيْهِ ,مُكافأَةً لهُ عَلَى زَمْرِهِ وَغِناءِهِ.

         وَقَدْ أَحَسَّتِ اْلأَميرَةُ فى اْلأَوَّلِ, بِكَثيرٍ مِنَ النُّفورِ وَالتَّأَلَّمِ, حينَما وَضَعَ هذا السَّاءِلُ الْفَقيرُ الزَّمَّارُ يَدَهُ فى يَدِها. أَحَسَّتْ بِفَرْقٍ كَبيرٍ بَيْنَ مَلابِسِهِ الْمُمَزَّقَةِ ,وَمَلا بِسِها الْغالِيَةِ. وَشَعَرَتْ بِكَثيرٍ مِنَ الْخُزْنِ, وَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ ,وَأَحَسَّتْ بِغَلَطَاتِها وَأَخْطاءِها الَّـتى ارْتَكَبَتْها فى أَثْناءِ الْمأدُبَةِ, وَخاصَّةً مَعَ الْمَلِكِ الشَّابِّ عأدِلٍ , فَقَدْ جَعَلَتِ الْجَميعَ يَضْحَكُونَ مِنْهُ ,وَيَسْخرونَ بِهِ ,مَعَ أَنَّهُ كانَ أَحْسَنَ الْحاضِرينَ عِلْماً وَأَدَباً ,وغِنًى وَجاهًا.

وَقَدِاسْتَمَرَّ الزَّوْجانِ ساءِرَيْنِ فىالطَّريقِ ,حَتَّى وَصَلا إلَى غابَةٍ كَبيرَةٍ ,لا يَسْتَطيعُ النَّظَرُ أَنْ يَصِلَ إلَى آخرِ ها وَنِهايَتِها. فَسَأَلَتْ زَوْجَها ,بَعْدَ أَنْ مَكَثَتْ سا ِكتَةً صامِتَةً, لا تَتَكَلَّمُ طولَ الطَّريقِ, مُنْذُ خُرُوجِهِما مِنَالْقَصْرِ,سَأَلَتْهُ: مَنْ صاحِبَ هذِهِ الْغابَةِ هُوَ الْمَلِكُ عادِلٌ. وَلَوْ قَبِلْتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْغابَةُ الْواسِعَةُ مِلْكاً لَكِ اْلآنَ,ولكِنَّكِ احتَقَرتِهِ وَاستَهزَأْتِ بِهِ,وَجَعَلْتِهِ أُضْحوكَةً لِجَميعِ الْحاضِرِينَ ,مِنَ الْمُلوكِ وَاْلأُمَراءِ.وَرَفَضْتِ أَنْ يَكُونَ زَوْجاً لَكِ.فَتَأَوَّهَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ, وَأَظْهَرَتْ آلامَها وَأَحْزانَها, وَنَدَمَها عَلَى ماَ حَدَثَ مِنْها, وَقالَتْ : إِنَّـنى سَيِّءَةُ الْحَظِّ., ِلأَنَّـنى لمْ أَرْضَ بِهِ زَوْجاً .وَلَوْ كانَ لى حَظٌّ ,لَقَبِلْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ الْمَلِكَ عادلاً, وَلكِنَّنى عِشْتُ طُولَ حَيَاتى مُدَلَّلَةً ,أَطْلُبُ ماأَشاءُ, وَأَفْعَلُ ماأُريدُ, وَأَنقُدُ مَن أُريدُ.

         وَقَد اعْتَدْتُ أَلاَّ يُرَدَّ لىِ طَلَبٌ, وَلا تُرْفَضَ لىِ رَغْبَةٌ. وَكانَ هذا كُلُّهُ خطأً فى تَرْبِيَتى اْلأُولَى مُنْذُ صِغَرِى .وَإِنَّنى لمْ أُحِسَّ بِنَتِيجَةِ ما وَقَعَ مِنِّى إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تأَلَّمَ أَبى ,وَطَرَدَنى مِن الْحَفْلِ,وَنَذَرَ لِلّهِ أَنْ يُزَوِّجَنى أَوَّلَ ساءِلٍ, وَما كُنْتُ أَظُنُّ فى يَوْمٍ مِنَاْلأَ يَّامِ أَنْ أَتَزَوَّجَ ساءِلاً ,مُمَزَّقَ الْمَلابِسِ.

         فَقال لَها زَوْجُها: إِنَّكِ تَعُدِّينَ نَفْسَكِ سَيِّءَةَ الْحَظِّ ,ِلأَنَّكِ تَزَوَّجْتِ رَجُلاً فَقيرًا , مَلابِسُهُ قَديمَةٌ ,لاَ يَمْلِكُ طَعَامَ يَوْمِهِ. وَلكِنَّهُ رَجُلٌ مُؤَدَّبٌ, كَريمُ الخُلُقِ,يَعْرِفُ الْواجِبَ , وَيُراعى شُعورَ النَّاسِ ,وَقَدْ رَزَقَهُ اللهُ الصِّحَّةَ وَالْعافِيَةَ,وَيَعْتَمِدُ عَلَى اللهِ وَعَلَى يَدِه فى كَسْبِ مَعِيشَتِه بِعَرَقِ جَبِينه. فَهُوَ يَعْمَلُ ,وَالْعَمَلُ شَريفٌ. وَيَزْمِرُ بِالْمِزْمارِ, وَيُغَنِّى, وَيَعْرِفُ كَثيراً مِنَ اْلأَعْمالِ الْحُرَّةِ الشَّريفَةِ, الَّتى تُساعِدُه فى كَسْبِ رِزْقِه. وليْسَ الْفَقرُ عَيْباًيا سَيِّدتى ,  ولكِنَّ الْعَيْبَ فى سُوءِ اْلأَدَبِ ,وَشَتْمِ النَّاسِ. فَقالَتِ اْلأَميرةُ :هذا كَلامٌ كُلُّهُ صَحِيحٌ,لمْ أَفْهَمْهُ إِلاَّ الْيَوْمَ, ولمْ أَسْمَعْهُ إلاَّ مِنْكَ ا ْلآنَ.

        إِسْتَمَرَّ الزَّوْجانِ يَسيراَنِ فى طَريقِ الْغابَةِ ,حَتَّى انْتَهَياَ مِنْها ,ورَأَيا حَدَاءِقَ جَميلَةً واسِعَةً,مَمْلوءَةً بِافَواكِهِ الْمُخْتَلِفَةِ, وَاْلأَزْهارِ النَّادِرَةِ, فَأُعْجِبَتْ بِها اْلأَميرةُ و َ بِمَناظِرِ ها الْبَديعَةِ , ونِظامِها الْجَميلِ. وَسَأَلَتْهُ:لِمَنْ هذِهِ الحداءِقُ الْجَميلَةُ؟

         فَأَجابَها زَوْجُها :إِنَّها حداءِقُ الْمَلِكِ عادِلٍ ,وَهِىَ حَداءِقُ فِيها كُلُّ أَنْواعِ الْفاكِهَةِ فى العالَمِ ,وكُلُّ أَنْواعِ اْلأَزْهارِ.و لَيْسَ لَها مَثيلٌ فى هذهِ الْبِلادِ. وَلَوْ رَضِيتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْحَداءِقُ مِلْكاً لَكِ الْيَوْمَ.

       فَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ ,وَقالَتْ :وَا أَسَفاهُ!  إِنَّنى سَيِّءَةُ الْحَظِّ, وَلَوْ كُنْتُ سَعيدَةَ الْحَظِّ, لَتَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ عادِلاً الكَريمَ وَ لكِنَّنى تُرِكْتُ لِنَفْسِى ,وَ أُعْطِيتُ الْفُْصَةَ فى اخْتِيارِ زَوْجى, فَلَمْ أُحْسِنْ الاِخْتِيارَ.

      وَاستَمَرَّا يَمْشيانِ حَتَّى انْتَهَتِ الْحدَاءِقُ ,وَوَصَلا إِلَى مَدينَةٍ كَبيرَةٍ ,شَواعِرُها مُتَّسِعَةٌ نَظيفَةٌ ,ومَبانِيها عالِيَةٌ مُنَظَّمَةٌ ,وَ أَهْلُها مُتَعَلِّمونَ, فَأُعجِبَتْ بِها , و بِنَظافَتِها وَمَناظِرِها الْجَميلَةِ ,ونِظامِها الدَّقيقِ ,وَسَأَلَتْهُ: لِمَنْ هذِهِ الْمَدينَةُ الْعظيمَةُ؟

       فَأَجابَها زَوْجُها: إِنَّها مَدينَةُ الْمَلِكِ عادِلٍ . وَلَوْ قَبِلْتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْمَدينَةُ مَدينَتَكِ .

        فَحَزِنَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ, وَتَأَسَّفَتْ لِما حَدَثَ مِنْها ,وَقالَتْ: إِنَّنىِ شَقِيَّةٌ ,سَيِّءَةُ الْحَظِّ. وَلَوْ كُنْتُ سَعيدَةَ الْحَظِّ لَتَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ عادلاً ,وَلا أَفْهَمُ: لِماذَا لَمْ أَتَزَوَّجْهُ؟

فَقالَ لَها زَوْجُها الْمُوسِيِقىُّ :لا أَعْلَمُ لِماذا امْتَنَعْتِ مِنْ تَزَوُّجه. فهذا السَّبَبُ لا يَخُصُّنىِ., وَلا شَأْنَ لى بِهِ .ويُمْكُنِكِ أَن تَسْأَلى نَفْسَكِ عَنِ السَّبَبِ .وَلكِنِّى لا أَدْرِى :لِماذا تَتَمَنَّيْنَ زَوْجاً آخَرَ ؟ألَسْتُ أَناَ زَوْجاً يَصْلُحُ لَكِ؟

       وَأَحَسَّتِ اْلأَمِيرَةُ, حِينَما سَمِعَتْ سُؤَالَ زَوْجِها الْمُوسيِقِّى, أَنَّها لمْ تُراعِ إِحْساسَهُ وَشعورهُ, فَسكَتَتْ, وَضَبَطَتْ نَفْسَها, ولمْ تُجِبْ .وَاسْتَمَرَّتْ ساءِرَةً مَعَهُ, حَتَّى وَصَلا إِلى كوخٍ صَغيرٍ مَبْنِىٍّ بِالطِّينِ وَالْقَشِّ .فَوَقَفَ عِنْدَهُ, وَوَقَفَتْ مَعَهُ ,وَسَأَلَتْهُ: لِمَنْ هذا ا ُلْجُحْرُ الصَّغيرُ؟ لِمَنْ هذا الْكُوخُ الْقَذِرُ ؟

      فَأَجابَها زَوْجُها الْمُوسيقِىُّ : هذا مَنْزِلُكِ ومَنْزِلى أَ يَّتُها اْلأَميرَةُ. هذاهُوَ الْكُوخُ اللَّذِى سَنَعيشُ فيهِ مَعاً.

فَصَاحَتْ وَسَأَلَتْه: أَأَ سْكُنُ فى هذا الْكوخِ بَعْدَ أَنْ كُنْتُ أَسْكُنُ الْقُصُورَ الْعَظيِمَة؟

فَأَجابَها : بِهذا حَكَمَ اللهُ يا سَيِّدَتى .وَلا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها.

فَتَأَلَّمَتْ وَسَأَلَتْهُ: وأَيْنَ مَنْ عِنْدَكَ مِنَ الْخَدَمِ؟

       فَأَجابَها :لا خَدَمَ عِنْدِى يا سَيِّدَتى .,ِلأَنِّى رَجُلٌ فَقيرٌ, لا أَسْتَطيعُ أَنْ أَدْفَعَ أُجْرَةَ الْخَدَمِ. وماذا تَعْمَلينَ بِالْخَدَمِ؟ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعِدِىّ مِنَ اْلآنَ لِتَخْدُمى نَفْسَكِ بِنَفْسِكِ , وَتَقومى بِعَمَلِ كُلِّ ما تَحْتاجينَ إِلَيْهِ, وَتَعيشى كَما يَعيشُ الفُقَراَءُ.

اِذْهَبِى وأَحْضِرِى اَلْحطَبَ وَالْوَقودَ,وَأَعِدِىّ النَّارَ,وَضَعِى الْماءَ فَوْقَها,وَاطْبُخِى لَنا الْعشاءَ., ِلأَبِّى  جاءِعٌ, ومُتْعَبٌ جِدًّا.

فَبَكَتِ اْلأَميرَةُ وسأَلَتْه:وَأَيْنَ الْوقودُ؟ وَكَيْفَ أُعِدُّ النَّارَ؟ وَكَيْفَ أَطْبُخُ الطَّعامَ؟

 

      وَقَالَتْ لهُ:إِنِّى لا أَعْرِفُ شَئًْ مِنْ هذا كُلِّه., ِلأَنِّى لمْ أَعْتَدْ هذا النَّوْعَ مِنَ الْعَمَلِ, وكانَ عِنْدِى كَثيرٌ مِنَ الْخَدَمِ وَالْوَصِيفاتِ لِخِدْمَتى ,ولمْ أَتَعَوَّدْ الاِعْتِمادَ عَلَى نَفْسى,وَ إِنِّى أُحِسُّ اْلآنَ بِأَنَّ هذا خَطَأٌ وَكانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ أَعْتادَ الاِعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ ,وَالْقيامَ بِكُلِّ عَمَلٍ يَحْتاجُ إِلَيْهِ المَنْزِلُ.

       فَهَدَّأَ الزَّوْجُ نَفْسَها ,وَقامَ لِيُساعِدَها فِى إِعْدَادِ كُلِّ شَئٍ ,وَإِخْضَارِ الطَّعامِ .وَبَعْدَ أَنْ أُعِدَّ الْعَشاءُ جَلَسا مَعًا ,وَأَكَلا قَليلاً لِشُعورِهِما بِالتَّعَبِ مِنَ السَّفَرِ الطَّويلِ ,ثُمَّ ذَهَبا إِلَى الْفِراشِ ,وَنامَا فى سَرِيرٍ عَلَى حَشِيَّةٍ (مَرْتَبة) غَيْرِ مُريحَةٍ , فى حُجْرةِ نَوْمٍ ضَيِّقَةٍ, بِها قَليلٌ مِنَ اْلأَثاثِ.

       وَفى الصَّباحِ الْمُبَكِّرِ أَيْقَظَها الْمُوسيِقىُّ السَّاءِلُ لِتَكْنُسَ الْبَيْتَ وَتُنَظِّفهُ ,وَتُعِدَّ الْفَطورَ, فاسْتَيْقَظَتْ وَهِىَ مُتَضايِقَةٌ ,وَكانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَتْرُكَها ناءِمَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وترْتَفِعَ فى السًّماءِ. وَأَرَاها أَدَواتِ التَّنْظيفِ, وَساعَدَها حَتَّى كَنَسَتِ الْحُجَرَ ونَظَفَّتْها, وَرَتَّبَتْ  حُجْرَتَ النَّوْمِ  ,وَأَعَدَّتِ الْفطورَ عَلَى مِنْضَدَةٍ صَغيرَةٍ .وَتَناوَلاَ الطَّعامَ مَعاً ,ثُمَّ أَخَذَتِ اْلأَوانِىَ إِلَى الْمَطْبَخِ ,وَلمْ تَعْرِفْ كَيْفَ تَغْسِلُها ,وَساعَدَها فى غَسْلِها وَتَجْفيفِها.

        وَ قَدْ عاشَ الزَّوْجانِ هكَذا يَوْمَيْنِ كامِلَيْنِ فى الْكوخِ ,حَتَّى أَكَلا كُلَّ ما كانَ فيهِ مِنَ الطَّعامِ ,وَلمْ يَبْقَ فيهِ شَئٌ مُطْلَقاً .وَفى الْيَوْمِ الثَّالِثِ قالَ لَها: إِنَّنا لا نَسْتَطيعُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فى الْبَيْتِ  بِهذا الشَّكْلِ ,مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ .فَقَدْ أَنْفَقْتُ كُلَّ ما كانَ مَعى مِنَ النّقودِ, وَأَكَلْنا كُلَّ مافى الْبَيْتِ مِنَ الطَّعامِ .وَسأُ ضْطَرُّ إِلَى الْخُرُوجِ لِلْبَحْثِ عَنْ رِزْقى .وَيَجِبُ أَنْ تَتَعَلَّمِى شَئً يُساعِدُ فى كَسْبِ الْمَعيشَةِ ,وَسَأُعَلِّمُكِ كَيْفَ تَصْنَعينَ السِّلالَ ,ثُمَّ خَرَجَ الزَّوْجُ , وأَخْضَرَ حُزْمَةً مِنْ عيدانِ الْقَصَبِ (الْغاب)وَالْحَلْفاءِ ,وعَلَّمَها كَيْفَ تُصْنَعُ السَّلَّةُ .,حَتّضى تَصْنَعَ سَلاَّتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَها لِمَنْ يَحْتاجُ  إِلَيْها فى السُّوقِ كُلَّ أُسْبوعٍ .وَبَدَأَتْ بِالْفِعْلِ تَقْطَعُ الْعيدانَ ,وَتَصْنَعُ مِنْهاسَلَّةً ,فجُرِحَتْ أَصابِعُها وَخُدِشَتْ., ِلأَنَّها لمْ تَتَعَوَّدْ ا ِلاعْتِمادَعَلَى نَفْسِها,وَالْعَمَلَ بِيَدِها مِنْ قَبْلُ.

       فَقالَ لَها زَوْجُها: إنَّ هذا الْعَمَلَ لا يُناسِبُكِ ,وَلا يَصْلُحُ لَكِ,ثُمَّ أَخْضَرَ لَها مُغْزَلاً ,وَشَئً مِنَ الصُّوفِ .,لِيُعَلِّمَها غَزْلَ الصُّوفِ ,مُعْتَقِدًا أَنَّ الْعَزْلَ أسْهَلُ مِنْ عَمَلِ السِّلالِ .وَبَيَّنَ لَها طَريقَةَ اسْتِعْمالِ الْمُغْزَلِ ,ثُمَّ جَلَسَتْ ,وَحاوَلَتْ أَن تَغْزِلَ كَما عَلَّمَها,وَلَكِنَّ الخُيوطَ جَرَحَتْ أَصابِعها الرَّقيقَةَ حَتّى خَرَجَ مِنْهاالدَّمُ .فقالَ لَها زَوْجُها ,وقَدْ أَرادَ أَنْ يُعَوِّدَهاالْعَمَلَ ,وَا ِلاعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ :اُنْظُرِ ى! إِنَّكِ لا تَسْتَطيعينَ الْقِيامَ بِأَىِّ عَمَلٍ مِن اْلأَعْمال. وَيَجِبُ أَنْ تَعْتادِى  الْعَمَلَ.وكُلُّ إِنْسانٍ يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ . لا فَرْقَ بَيْنَ أَميرٍ وَحَقيرٍ,وَغَنِىٍّ وفَقيرٍ .فَالْعَمَلُ الْيَدَوِيُّ شَريفٌ, وَلا عَيْبَ فِيهِ.وإنَّ الْعَمَلَ دَليلٌ عَلَى الْحَياةِ .ولا تُسَمَّى الْحَياةُ حياةً إِلاَّ بالْعَمَلِ .وَيَظْهَرُ لى أَنَّكِ لا تَصْلُحِينَ لِشَئٍ مُطْلَقاً.وَأَعتَقِدُ أَ نَّنِى سَئُِّ الْحَظِّ .,ِلأَنِّى تَزَوَّجْتُ أَميرَةً لاَ تَعْرِفُ  شَئً عَنِ الْعَمَلِ,وَلا يُمْكِنُها أَنْ تَقومَ  بِأىِّ عَمَلٍ .,فَقَدْ  كانَتْ حياتُها  الْماضِيَةُ كُلُّها كَسَلاً  وَخُمولاً وَنَوْماً , وراَحَةً بِغَيْرِ عَمَلٍ .وَعَلَى أَ ىِّ حالٍ سَأُُجَرِّبُ مَعَكِ نَوْعاً آخَرَ مِن الْعَمَلِ,وَسَأَشْتَرِى بَعْضَ اْلأَوانِ الصّيِنِيَّةِ  وَاْلأطْباقِ,وَ ْلأكْوابِ الزُّجاجِيَّةِ ., لِتَبِيعيها فى السُّوقِ ,وَتَتَّجِرِ ى فِيها وَسَأُبَيِّنُ  لَكِ ثَمَنَ كُلِّ نَوْعٍ .,حَتَّى تَحْصُلى عَلَى رِزْقِكِ , مِنْ عَمَلٍ شَريفٍ.

       فَتَأَلَّمَتْ, وَتَأَوَّهَتْ ,وَقَالَتْ :وَاأسَفاهُ! لَقَدْ حَكَمَ عَلَىَّ الزَّمانُ باِلوُقُوفِ فى السُّوقِ ,لِبَيْعِ اْلأَكْوابِ. وَماذا أَفْعَلُ إِزَا مَرَّ فى السُّوقِ بَعْضُ اْلأُمَراءِ  أَوْ رِجالِ الْقَصْرِ؟ماذا أَفْعَلُ إِذا رَ أَوْنِى وَأَنا أَبيعُ فى مَكانٍ عَامٍّ ؟إِنَّهُمْ سَيَضْحَكونَ مِنِّى ,ويَسْخَرونَ بِى,مِنْ غَيْرِ شَكّ.

         فَقالَ لَها زَوْجُها :هذِهِ مَظاهِرُ ياسَيِّدَتى ,ويَجِبُ ألاَّ نُبالِىَ باِلْمَظاهِرِ, وَ أَنْ نُفَكِّرَ فى الْواقِعِ ,ونَعْتَمِدَ عَلَى أَنْفُسِنا ,وَنَعْمَلَ بِأَيْدينا ,ونَكْسِبَ عَيْشَنا بِعَرَقِ جَبينِنا, وَلا نَتَّكِلَ عَلَى أَحَدٍ. يَجِبُ أَنْ نُعِدَّ أَنْفُسَنا لِلْحَيَاةِ,وَنَتْرُكَ حَياةَ الْكَسَلِ ,والاِعْتِمادَ عَلَى غَيْرِنا .يَجِبُ أَنْ تَذْهَبِى وَتَعْمَلِى ,وَتَتَّجِرِى فى اْلأَدَواتِ الصِّيِنِيَّةِ إِذا كُنْتِ لا تُريدينَ أَنْ تَموتىِ جوعاً.

اِسْتَمَعَتِ اْلأَميرَةُ لِنَصِيحَةِ زَوْجِها ,وَبَدَأَتْ  تَتَّجِرُ فى السُّوقِ.

       وَقَدْ نَجَحَتْ تِجارَتُها فى الْبَدْءِ نَجاحاً كَبيراً ,فَقَدْ شَجَّعَها كَثيرٌ مِمَّنْ رَأَوْها, مِنَ السَّيِّداتِ وَالرِّجالِ ,وَعَطَفَ عَلَيْها الْجَمِيعُ .,رَأْفَةً بِها ,وَإِعْجاباً بِجَمالِها :وَكَثيراً ماَ كانُو يَشْتَرونَ الْبِضاعَةَ, وَلا يَأْخُذُونَها, وَيَتْرُكونَها لَها تَشْجيعاً لَها.

        رَبحَتِ اْلأَميرَةُ كَثيراً فى تِجارَتِها الْجَديدَةِ ,وَاعْتادَتِ الْعَمَلَ,وعَرَفَتْ كَيْفَ تَعْتَمِدُ عَلَى نَفْسِها فى حَياتِها وكَسْبِ عَيْشِها ,وعاشَتْ مَعَ زَوْجِها عيشَةً راضِيَةً, وَشارَكَتْهُ حَياتَه, خَيْرَها وشَرَّها,وَرَاحَتَها وَتَعَبَها.وقَدْ نَجَحَ زَوْجُها فى تَأْديبِها وَتَهْذيبِها,وَأصْبَحَتْ فى حَياتِها الزَّوْجِيَّةِ مُخْتَلِفَةً كُلَّ ا ِلاخْتِلافِ,عَن حَيَاتِها ا ْلأُولَى,حَياةِ الْكَسَلِ وَالْخُمولِ ,وقِلَّةِ ال ذَّوْقِ ,وسُوءِ ا ْلأَدَبِ .وَصارَتِ اْلآنَ مَثَلاً عالِياً لِلزَّوْجَةِ الْمُطيعَةِ الْمُتَواضِعَةِ, الْمُؤَدَّبَةِ الْكامِلَةِ. وفى يَوْمٍ مِنَ ا ْلأَ يَّامِ ,اشْتَرَى لَها زَوْجُها مِقْداَرًا كَبيرًا مِنَ الْبِضاعَةِ الصّيِنِيَّةِ والزُّجاجِيَّة,فاتَّخَذَتْ لَها رُكْناً جَديداً فى السُّوقِ وَوَضَعَتْ فيهِ بِضَاعَتَها الْجَديدَةَ ,وَهِىَ فَرِحَةٌ بِها ,وَجَلَسَتْ لِتَبيعَ وَتَتَّجِرَ كَعادَتِها يَوْمَ السُّوقِ.فَحَضَرَ لِسوءِ الْحَظِّ,جُنْدِىٌّ مُسْتَهْتِرٌ, يَرْكَبُ حِصاناً جامِحاً شَقِيًّا,وَاقْتَحَمَ حانُوتَها,وَكَسَّرَ كُلَّ ماكانَ فيهِ مِنَ ا ْلأَوانى الصّيِنِيَّةِ ,وَا ْلأَطْباقِ الْخَزَفِيَّةِ ,وَ اْلأَكْوابِ وَا ْلأَباريقِ الزُّجاجِيَّةِ,حَتَّى لَمْ يَبْقَ فى الْحانُوتِ شَئْ ٌ دُونَ أَنْ يُكْسَرَ ,وَصارَتْ بِضاعَتُها كُلُّها أَجْزَاءً مَكْسورَةً مُتَناثِرَةً ,هُنا وَهُناكَ.فَأَخَذَتْ تَبْكى, ولَمْ تَعْرِفْ ماذا تَفْعَلُ ,وقَدْ ذَهَبَ  الْجُنْدِىُّ الْمُسْتَهْتِرُ بِحِصانِهِ .وَماذا تَسْتَطيعُ أَن تَعْمَلَ مَعَه؟ وَأَخَذَتْ تَسْأَلُ نَفْسَها: ماذا أَقولُ لِزَوْجى؟ وَكَيْفَ أُقابِلُهُ؟ وَماذاَأَعْمَلُ؟وقَدْ كُسِرَتِ الْبِضاعَةُ كُلُّها, وَفَقَدْنا كُلَّ ما كانَ عِنْدَنا مِنْ تِجارَةِ الصّيِنِىِّ. وَماذا سَيَقولُ زَوْجى حِينَما يَسْمَعُ الْخَبَر ,ويعرِفُ ما حَدَثَ؟ وَلمْ تَجِدْ فاءِدَةً مِنَ البَقاءِ فى مَكانِها بِالسُّوقِ ,فَجَرَتْ إِلَى المَنْزِلِ وهِى مُتَأثِّرَةٌ كُلَّ التَّأَ ثُّرِ ,حَزينَةٌ كُلَّ الْحُزْنِ لِزَواِل تِجارَتِها وَأَخْبَرَتْ زَوْجَها بِكُلِّ ماحَدَثَ.

فَقالَ لَها زَوْجُها: لَوْ كانَ عِنْدَكِ شَئْ ٌ مِنَ التَّفْكير, ماوَضَعْتِ أَدَوَاتٍ صِيِنِيَّةً وزُجاجِيَّةً و خَزَفِيَّةً بِالشَّكْلِ الَّذى وضَعْتِهِ فى الرُّكْنِ الْجَديدِ الّذى اخْتَرْتِهِ  مِنَ السُّوقِ ,حَيْثُ يَسْتَطيعُ كُلُّ إِنْسانٍ أَنْ يَمُرَّ بِهِ .وَهذا دَرْسٌ لَكِ ,تَتَعَلَّمينَ مِنْهُ التَّفْكيرَ فى الشّىْءِ وَنَتاءِجِهِ ,قَبْلَ أَنْ تُقْدِمى عَلَيْهِ ,وَقَبْلَ أَنْ تَعْمَليهِ.وَلا فاءِدَةَ اْلآنَ مِنَ الِسْتِمْرارِ  فىالْحُزْنِ وَالْبُكاءِ. وَأَعْتَقِدُ أَنَّكِ لا تَصْلُحينَ لِهذا النَّوْعِ مِنَ الْعَمَلِ .ولِهذا ذَهَبْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْقَصْرِ الْمَلَكِيِّ., ِلأَبْحَثَ لَكِ عَنْ عَمَلٍ فى الْمَطْبَخِ .وَقَدْ وَعَدَنى مَديرُ الْقَصْرِ أَنْ يَقْبَلَكِ خادِماً فى الْمَطْبَخِ.,لِتُساعِدى الطَّبَّاخينَ فى تَنْظِيفِ الْمَطْبَخِ ,وَغَسْلِ اْلأَوانِى وَتَجْفِيفِها. وسَتَجِدينَ هُناكَ كَثيراً مِنَ الطَّعامِ.وسيُسْمَحُ لَكِ أَنْ تَأْخُذى مَعَكِ فى الْمَساءِ إِلَى بَيْتِكِ شَئْ ً مِنَ الطَّعامِ الَّذى يَبْقَى لِتَأْكُلِيهِ وَآكُلَ مَعَكِ.

      فَقَبِلَت ا ْلأَميرَةُ هذا الَحلَّ ,وَلَمْ تَعْتَرِضْ عَلَى أَنْ تَكونَ خادِماً فى الْمَطْبَخِ, بَعْدَ أَنْ كانَتْ تَهْزَأُ بالمُلوكِ و اْلأُمَراءِ والنُّبَلاءِ,وَتَضْحَكُ مِنْهُمْ ,وَتَسْخَرُ بِهِمْ.

       وَرَضِيَتْ أَنْ تَعيشَ عَلى فَضَلاتِ الْمَطْبَخِ مَعَ زَوْجِها الْفَقيرِ .وَهذا حُكْمُ اللهِ ,يُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ يشاءُ ,وَيُعِزُّ مَنْ يَشاءُ ,وَيُذِلُّ مَنْ يَشاءُ. إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ قَديرٌ. وَقَدْ نَجَحَ زَوْجُها كُلَّ النَّجاحِ, فى تَأْديبِها وَتَهْذيِبِها ,وَتعْويدِها الاِعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ,وَالْعَمَلَ ,مَهْما يَكُنْ ذلِكَ العَمَلُ.

 

       وَبَعْدَ مُضِىِّ أُسْبوعَيْنِ مِنْ عَمَلِها فى مَطْبَخِ الْقَصْرِ ,سَمِعَتْ مِنَ الطَّبَّاخينَ أَنَّ الْمَلِكَ الشَّابَّ سَيَحْتَفِلُ بِزَواجِهِ الَّليْلَةَ  اِحْتِفالاً عَظيماً .وَقَدْ أُقيمَتِ الزِّيناتُ فى كُلِّ مَكانٍ. ودُعِىَ الْعُظًماءُ وَالْعُلَماءُ لِهذا الاِحْتِفالِ .وَعَرَفَتْ أَنَّهُ سَيَمُرُّ مِنَ الطَّريقِ ,فَذَهَبَتْ إِلَى نافِذَةٍ مِنَ النَّوافِذِ ,وَنَظَرَتْ لِتَرَى هذا الاِسْتِعْدَادَ,فَوَجَدَتْه تامًاّ وجَميلاً.فَحَزِنَ قَلْبُها لِرُؤْيَةِ هذِهِ الْمَظاهِرِ ,وَشَعَرَتْ بِسُوءِ حَظِّها ,وَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ فى الْماضِى,وَتَذَكَّرَتْ أَنَّ تَكَبُّرَها كانَ سَبَبًا فى سوءِ بَخْتِها, وَأَنَّ سوءَ أَدَبِها هُوَ الَّذى جَعَلَها خادِمًا ذَليلَةً وَضيعَةً.وَاَخَذَتْ تَذْكُرُ فى نَفْسِها تَصَرُّفاتِها الْماضِيَةَ,وَ تُوَبِّخُ نَفْسَها عَلَى ما حَدَثَ مِنْها ,مِنْ سُوءِ أَدَبٍ ,وَقِلَّةِ ذَوْقٍ, وَغَطْرَسَةٍ وَتَكَبُّرٍ ,وكَسَلٍ وَخُمولٍ,وَإِهانَةٍ لِغَيْرِها مِنَ النَّاسِ ,وَعَدَمِ التَّفْكيرِ فى شُعورِهِمْ .وَسَأَلَتِ اللّهَ  أَنْ يعْفُوَ عَنْها, وَيَقْبَلَ تَوْبَتَها ,وَيَرْضَى عَنْها.

      وفى الْمَسَاءِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ,أَعْطاها الْخَدَمُ كَثيراً مِنَ اْلأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ, لِتَأْخُذَها مَعَها إِلَى كوخِها, فَوَ ضَعَتْها فى سَلَّتِها ,وَخَرَجَتْ لِتَذْهَبَ إِلَى زَوْجِها .فَقابَلَها عِنْدَ بابِ الْقَصْرِ  الْمَلِكُ الَّذى سَيُحْتَفَلُ بزَواجِهِ اللَّيْلَةَ ,وَقَد لَبِسَ مَلا بِسَ ذَهَبِيَّةً, وَأَخَذَها مِنْ يَدِها ,وَقالَ لَها :يَجِبُ أَنْ تَشْتَرِكِى مَعِى فى هذا الاِ حْتِفالِ اللَّيْلَةَ .فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ اْلأَميرَةُ الْجَميلَةُ ,زَوْجَةُ الْمُوسِقِىِّ الْفَقيرِ, فَعَرَفَتْ أَنَّهُ الْمَلِكُ عادِلٌ ,وَأَنَّ الْقَصْرَ الَّذى تَخْدُمُ فيهِ هُوَ قَصْرُ الْمَلِكِ ,الَّذى رَفَضَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ, وَسَخِرَتْ مِنْهُ , وَهَزِءَتْ بِهِ,وَجَعَلَتِ النَّاسَ يَضْحَكونَ مِنْهُ وَيَسْتَهزِؤُنَ بِهِ.

        فَارْتَبَكَتِاْلأَميرَةُ, وَاضْطَرَبَتْ ,وَخافَتْ حِينَما عَرَفَها وَعَرَفَتْه. وَقَدْ أَمْسَكَ الْمَلِكُ بِي َدِها ,وَأَخَذَها مَعَهُ ,وأَدْخَلَها الْقَصْرَ ثانِيَةً, والسَّلَّةُ فى يَدِها اْلأُخْرَى ,وقَدْ وَقَعَ غِظاؤُها ,وَسَقَطَت اْلأَطْعِمَةُ عَلَى اْلأَرْضِ ,وَرَآها الْحاضِرُونَ ,فَضَحِكُوا مِنْها, وخَجِلَتْ مِنْ نَفْسِها خَجَلاً شَديدًا,وَتَمَنَّتْ أَنْ تَبْتَلِعَها  اْلأَرْضُ فى أَعْماقِها.,فَقَدْ رآها خَطيبُها السَّابِقُ  الْمَلِكُ عادِلٌ ,وَهِىَ فَقيرَةٌ ,تَخْدُمُ فى مَطْبَخِهِ,وَتَحْمِلُ سلَّةً  بِها شَئْ ٌ مِنْ بَقايا الطَّعامِ .وَجَرَتْ نَحْوَ البابِ لِتَهْرُبَ مِنَ الْمَلِكِ عادِلٍ ,الَّذى رَفَضَتْ مِنْ قَبْلُ أَن تَتَزَوَّجَهُ ,وَلكِنَّهُ لَحِقَها ,وَأَ رْجَعَها ثانِيَةً إِلَى الْقَصْرِ ,وَأَخْبَرَها بِحَقِيقَةِ  اْلأَمْرِ ,وَاعْتَرَفَ لَها بِالسِّرِّ , وَقالَ لَها :لا تَخافىِ ولاتَحْزَنى .,فَأَنا زَوْجُكِ الموسِيِقىُّ  الَّذى عاشَ مَعَكِ فى الْكُوخِالْحَقيرِ, وَقَدْ مَثَّلْ تُ دَوْرَ الزَّمَّارِ  السَّاءِلِ الْفَقيرِ ,مَعَ أنِّى الْمَلِكُ الَّذى استَهَزَأْتِ بِهِ .

 

 

 

 

 

 

 

         وَحينَما سَمِعْتُ نَذْرَ أَبيكِ أَنْ يُزَوِّجَكِ  أّوَّلَ ساءِلٍ ,ذَهَبْتُ إِلَى قَصْرِ وَالدِكِ, وَادَّعَيْتُ أَنِّى ساءِلٌ يَحْتاجُ إِلَى إِحْسانٍ .,وَتَظاهَرْتُ بِا َلْحاجَةِ وَالْفَقْرِ .,لِكَىْ أَتَزَوَّجَكِ .وَقَدْ وَفَى والِدُكِ بِوَعْدِهِ وَنَذْرِهِ .وَأَعْطانىِ إِيَّاكِ.,لِتَكونىِ زَوْجَةً لىِ .وَقَدْ فَعَلْتُ هذا كُلَّهُ.,ِلأَنِّى أَحْبَبْتُكِ كَثيراً .وَقَدْ أَخَذْتُكِ إِلَى هذا الْكوخِ الْمُتَواضِعِ, وحَتَمْتُ عَلَيْكِ أَن تُعِدِىّ الطَّعامَ, وَتَغْسِلى اْلأَطْباقَ ,وتُرَ تِّبى الْمَنْزِلَ ,وتَعْمَلِ السِّلالَ ,وَتَغْزِلى الصُّوفَ ,وَتَتَّجَرِ ى فى اْلأَوانِى تاصِيِّنِيَّةِ  ِلأُعْطِيَكِ دُروساً فىا ِلاعْتِمادِ عَلَى النَّفْسِ ,وَحُبِّ الْعَمَلِ ,وعَدَمِ  ا ِلاتِّكالِ عَلَى أَحَدٍ .وأَنا الْجُنْدِىُّ الّذى كانَ  فى السُّوقِ ,وكَسَّرَ لَكِ كُلَّ مافى الْحانُوتِ مِنْ أَدَوَاتٍ صيِنيَّةٍ وَزُجاجِيَّةٍ .وَقَدْ أَوْ جَبْتُ عَلَيْكِ أن تَخْدُمى  بِمَطْبَخِى, فَرَضِيتِ بِالْخِدْمَوِ وَالْعَمَلِ فى الْمَطْبَخِ, وَقَبِلْتِ أَنْ تَعيشى عَلَى بَقايا الطَّعامِ .وَقَدْرَتَّبْتُ هذا كُلَّهُ  ِلأُعْطِيَكِ دَرْسًا فى التَّواضُعِ- فَمَنْ تَواَضَعَ لِلهِ رَفَعَهوَلِتَتْرُكِى الفَخْرَ وَالتَّكَبُّرَ ,وَالاِ سْتِهْزاءَ بِالنَّاسِ, وإِهانَتَهُمْ ,وَقِلَّةَ الذَّوْقِ, وَسُؤَ اْلأَدَبِ .وَاْلآنَ قَدْ تُبْتِ ,وَنَدِمْتِ عَلَى مافَعَلْتِ, وَتَعَوَّدْتِ ا ِلاعْتِمادَعَلَى النَّفْسِ ,والرَّغَبَةَ فىالعَمَلِ ,وَتَدْبيرَ شُؤُنِ الْبَيْتِ ,وأَصْبَحْتِ تُحْسِنِينَ مُعامَلَةَ النَّاسِ, وتُفَكِّرِينَ فى فى شُعُورِهِم ,وصِرْتِ مَثَلاً عالِيًا لِلْقناعَةِ وَالرِّضاَ والتَّواضُعِ ,وَالطَّاعَةِ  وَالصَّبْرِ , وَذَهَبَتْ سَيِّءتُكِ ,وحَسُنَتْ تَصَرُّفاتُكِ ,وَانْتَهى  الْماضى بِمافِيهِ .وَسَنَبْدَأُ اللَّيْلَةَ حَياتَنا الْجَديدَةَ ,حَياتَنا الْحَقِيقِيَّةَ, الّتى لا ادِّ عاءَ فيها وَلا تَظاهُرَ .وَسَنَحْتَفِلُ اللَّيْلَةَ بِزَواجِنا احْتِفالاً رَسْمِيّاً فى قَصْرِنا هذا .وأَنْتِ اْلأَميرَةُ والزَّوْجَةُ ,وأَنا الْمَلِكُ وَالزَوْجُ .وسَيَحْضُرُ بَعدَ قَليلٍ أَبوكِ الْمَلِكُ ,وَأُمُّكِ  الْمَلِكَةُ,وجَميعُ أَفْرادِ أُسْرَتِكِ. وقَدْ حَضَرَتِ الْوصيفاتُ, وأَحْضَرْنَ لَها مَلا بِسَها الْجَميلَةَ ,وَاسْتَعَدَّتْ لِلاِحْتِفالِ ,وَلَبِسَتْ مَلاَ بِسَها وجَواهِرَها  الّتِى  أُعِدَّتْ لِلزَّواجِ .وَاحْتَفَلَتْ  أُسْرَتُها وأ سْرَةُ زَوْجِها الْمَلِكِ بِزَواجِهِما احْتِفالاً يَليقُ بِهِما.وَهَنَّأَهُما الْجَميعُ تهنِءَةً   صادِقَةً .وتَقَبَّلَ الزّوْجانِ التّهانِئَ بِالشُّكْرِ و السُّرورِ .وَكانَتِ الوُجُوهُ كُلُّها فَرِحَةً ضاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً .وَعاشَ الزَّوْجانِ عيشَةً سَعيدَةً راَضِعَةً ,كُلُّها سَعادَةٌ وَهَناءَةٌ وتَوْفيقٌ .وكُنْتُ أَتَمَنَّى أَن تَشْرِكَ أَنْتَ ,وأَشْتَرِكَ أَنا فى هذا الاِحْتِفالِ الْجَميلِ..

 

 

 

أَسْئَلَة فى القصة :

1-بماذا كانت توصف الأَميرة؟

2-ماذا حدث منها فى الاحتفال الذى أقامه أَبوها؟

3-بماذا سمّت الملوك والأمراءَ السبعة؟

4-لماذا طرد الملك ابنته من الحفل؟

5-ماذا عاقبها أَبوها؟

6-هل وفى الملك بنذره؟

7-ماذا كافأ الملك الزمار؟

8-كيف كان شعور الأَميرة حينما تزوجت الزمار؟

9-كيف كان شعور الزمار؟

10-لماذا لم يعمل لها احتفال حينما تزوجت الزمار؟

11-بماذا نصح لها أَبوها قبل خروجها؟

12-لماذا لم يودعها أحد من أسرتها؟

13-ماذا رأى الزوجان وهما سائران فى الطريق؟

14-متى أَحست الأَميرة بخطئها؟

15-لماذا عدت نفسها سيئة الحظ؟

16-لِمن الغابة والحدائق والمدينة؟

17-كيف عودها زوجها الاعتماد على النفس,وحب العمل؟

18-لماذا اختار لها السكنى فى الكوخ؟

19-ما الصناعات التى تعلمتها؟

20-لماذا تألمت من البيع فى السوق؟

21-لماذا اختار لها الخدمة فى المطبخ؟

22-هل نجح زوجها فى تأديبها وتهذيبها؟

23-فى أى قصر كانت تخدم؟

24-لماذا ارتبكت حينما قابلت عادلاً؟

25-لماذا أَرادَت أَن تهرب منه؟

 

 

 

 

 

كانَ لحسانَ و دانه قريب اسمهُ عصام...وكان يعملُ حارساً لمحميةٍ طبيعيةٍ في غينية...وقد دعاهما لقضاءِ العطلة  الانتصافيةِ في أفريقية وهكذا... عندما وصلا هناك...ذهبا معهُ إلى المحميةِ...ليأخذا صوراً للحيواناتِ في مواطنها الجميلةِ.

 

 

 

 

ولما دخلا الغابةَ...رأيا نعامةً جميلةً...وزرافات ثلاث قال لهما عصام: اقتربا منَ الحيوانات بهدوءٍ...فهيَ لا تحبُّ أنْ يزعجها أحد وفعلاً...بهدوءٍ تامٍ...التقطا صوراً راءعةً للزرافاتِ والنعامةِ.

 

 

فقالت دانه: انظرا إلى الفيلةِ...كمْ هيَ كبيرةٌ...وقالَ حسانُ: لا تصرخي هكذا يا دانه...فقد تهربُ الفيلةَ منْ أمامنا...وردَ عصام قاءلاً: نعم أنت َ على حقٍ يا حسانُ...فربما يغضب رءيسُ القطيعِ ويثورُ علينا...لذلكَ يجب أن نبقي حذرينَ من الفيلةِ

 

وفجأة..دبَّ الذعرُ في الحيوانات فأخذتْ تهربُ.. سألتْ دانه ماذا جرى لها؟؟ أجاب حسانُ: هذايدلُ على وجود حرقٍ في الغابةٍ وقالَ عصام: ابقيا إلى جانبي أيّها الصغيران...ولنذهب إلى النهر حيثُ سنكونُ بمأمن من الخطر.

 

 

 

وكانت ألسنةُ النارِ الطويلةُ تقتربُ منهم بسرعةٍ...فصاح حسانُ :إن الفيلةَ تعدوُ منْ وراءنا...دافعة صغارها أمامها...وقالت دانه وهي تلتقطُ صورة لهذا المشهد ستكونُ صورةُ نادرةٌ.

 

 

 

 

 

 

صاح عصام بها: هيا...أسرعا...ليس الوقتُ مناسباً لالتقاطِ الصورِ سيكونُ عندكما وقتً كافٍ لذلك بعد أن نجتازَ النهرَ بأمانٍ.

 

 

 

 

 

 

 

وتابعَ قاءلاً: إنَّ النهرَ قريبٌ..إني أسمعُ صوتَ خريرِ الماءِ...هيا لنركض بسرعةٍ...وفي الطريقِ وجد الصغيرانِ ظبيين صغيرين عالقين بين الأعشابِ الطويلةِ.!

 

 

 

 

 

فقال حسانٌ: لايمكن أنْ نتركهما يحترقانِ هنا...هيا لنحملهما معنا إلى النهرِ...وهكذا حملاهما وراحا يعدوانِ بهما.

 

 

 

 

 

 

ولما يلغوا النهرَ قطع الظبيانِ النهر سباحةً لينجوا من الحريق وقال عصام: هيا  لنعدو من هذا الاتجاهِ فهناكَ جسرٌ قريبٌ نعبرُ النهرَ منهُ.

 

 

 

 

وصاح حسانٌ مند هشاً: انظروا إلى الفيلةِ...ماذا تفعلُ !!قالت دانه: أيتها الفيلةُ...هذا ليس وقتَ شربٍ...هيا اهربوا بسرعةٍ فالنارُ أصبحت وراءكم فابتسم عصام وقال: آه لقد ْ فهمتْ..يالها منْ حيواناتٍ ذكيةٍ!!

 

 

 

وفجأةً...استدارت الفيلةُ بعدَ أنْ ملأتْ خراطيمها بالماءِ وراحتْ تطفىءُ به النارَ...صاحَ حسانٌ...أخسنتم...أخسنتم كم هي فكرةٌ جميلةٌ.

وبينما كانت الفيلةُ تكافحُ النارَ..استغلتْ دانه الفرصةَ وشرعت تلتقطُ لهم صوراً جميلةً ونادرةً...فقالَ لها حسانُ:سيكونُ تقريراً راءعاً تقد مينهُ في المدرسة يا دانه.

 

 

وهكذا..أطفأت الفيلةُ النارَ بصعوبةٍ بالغةٍ...قالَ حسان لدانه: لقد أنقدتنا هذهِ الفيلةُ الشجاعةً من الحريقِ...إنها تستحقُ  كل شكرٍ وتقديرٍ.. وهكذا اقتربَ صديقانا منَ الفيلةِ...وراحا يدا عبانها شكراً لها.

 

 

 

 

 

وفي طريق العودةَ حملَ الفيل الكبيرُ الطفلين الصغيرين بخرطومهِ...ووضعهما على ظهرِ الفيلِ الصغيرِ ...وراحَ يمشي بهما.

 

 

 

وهكذا عادَ كلُّ شيء كما كانَ قبلَ الحريقِ...وعادتِ الحيواناتُ لتعيشَ حياتها الطبيعيةَ في الغابةِ...وكأنَّ شيءاً لم يكنْ.

 

 

الملكُ عادل

 

           يُحْكَى أنَّهُ كانَ لِمَلِكٍ مِن الْمُلوكِ بِنْتٌ فى غايَةٍ مِنَ الجَمالِ ,لا تفوقُها فَتاةٌ أ ُ خْرَى فى جَمالِها., فَقَدْ كانَتْ جَميلَةً حَقًّا. يُعْجَبُ بِجَمالِها كُلُّ مَنْ رَآها , ولكِنَّها كانَتْ مُتَكَبِّرَةً , مَغْشوشَةً فى نَفْسِها, لا يُعجِبُها أحَدٌ , وَ لا تَحْتَرِمُ غَيْرَ هاَ , ولا تُحاَفِظُ عَلَى شُعورِ  إنْسانٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ إِ لَيْها كَثيرٌ مِنَ الْمُلوكِ وَاْلأمَراءِ  لِخِطْبَتِها

وَتَزَوُّجِها, فَرَ فَضَتْهُمْ جَميعاً, وَلَمْ تَرْضَ بأَِحَدٍ مِنْهُمْ , وَا حْتَقَرَتْهُمْ, وَ أَظْهَرَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ عَيْباً مِنَ الْعيوبِ ,وَ أَخَذَتْ تَضْحَكُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَخْطُبُها,  وَ تَهْزَ أُ بِهِ ,وتُسَمِيّهِ اسْماً مِنَ الأْ سْماءِ المُضْحِكَةِ.

 

         وفى لَيْلَةٍ مِنَ الَّليالىِ أقامَ أبوهاَ حَفْلاً عَظيماً, دَعا إِلَيْه الْمُلُوكَ  وَ اْلأمرَاءَ وَالْعُظَماءَ , اللَّذينَ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَتَزوَّجُوهاَ., لِتَخْتارَ مِنْهُمْ زَوْجاً لَها, وَقَدْ جَلَسوا جَميعاً فى صَفٍّ وَاحِدٍ, وَرُتِّبوا عَلَى حَسَبِ دَرَجاتِهِمْ  ومَراكِزِهِم ,وَ ألْقابِهِم , مِنْ مُلوكٍ وَ أُمَراءَ ,ونُبَلاءَ.ثُمَّ دَخَلَتِ اْلأميَرةُ ,ومَرَّتْ باِلْحاضِرينَ جَميعاً, فاحْتَقَرَتْهُم, وَهَذِءَتْ بِهِم .,لِغَطْرَ سَتِهاوَتَكَبُّرِهاَ, وَأَعْطَتْ كُلاًًّ مِنْهُمْ لَقَباً مِنَ اْلأَلْقابِ,

          أَوْ صِفَةً مِنَ الصِّفاتِ الْمُخْزِ يَةِ. فَقالَتْ عَنِ اْلأَوَّلِ: إِنَّهُ سَمينٌ جِداًّ, مُسْتَديرُ الشَّكْلِ كالناَّجودِ (كاَلْبرمِيلِ). وَقالَتْ عَنِ الثاَّنىِ:إِنَّهُ طَويلٌ كَعَمودِ النُّور, وَعَنِ الثالثِ: إِنَّهُ قَزَمٌ قَصيرُ الْقامَةِ, وَعَنِ الرَّابِعِ: إِنَّهُأصْفَرُ اللَّوْنِ كالْكُرْكُمِ, وَعَنِالْخامِسِ: إِنَّهُ أحْمَرُ اللَّونِ كَعُرْفِ الدّيكِ, وَعَنِ السّاَدِسِ: إِنَّهُ كالعَصَا الْخَضْراءِ الََّتى  تُوضَعُ فَوْقَ فُرْنِ الخَباَّزِ لِتَجِفَّ., ِلأَنَّهُ غَيرُ مُعْتَدِلِ الْقامَةِ كَما يَنبَغىِ. وَحَينَما مَرَّت باِلساَّبعِ...وَ كانَ مَلِكاً مِنْ أَحْسَنِ الْمُلُوكِ, وَأَغْناهُمْ, وَ أَكثَرِهِم صَبرًا ,وَ أَقْوَاهُم شخصِيَّةً, و أعظمِهِم فىحَلِّ ماَيَعْتَرِضُهُ مِنَ المُشْكِلاتِ فى الحياةِ . وَأَ كْثَرِهِمْ شَجاَعَةً وَذَكاءً وَحُسنَ تَفكِيرٍ وَ تَدبيرٍ...وَقَفَتْ بِجانِبِه, وَضَحِكَتْ مِنْهُ كَثيراً, وَهَذِءَتْ بِهِ كَثيراً, وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ نَظَرَةً كُلُّها اسْتِهْزَاءٌ و استِهانَةٌ بِهِ. فَضَحِكَ الخاضِرُنَ جَميعاً لِنَظَرَتِها إِلَيْهِ, وَقَدْتَأَلَّمَ هذَا الْمَلِكُ الشَّابُّ أَلَمالاَ نِهايَةَ لَهُ.,لِما لَحِقَهُ مِنَ اْلأِهانَةِ وَا ِلاحْتِقارِ , وَهُوَ ضَيْفٌ , وَلِضَحِكِ الْحاضِرينَ مِنْهُ, وَسُخْرِيَةِ اْلأَمِيرَةِ الْقَليلةِ  الذَّوْقِ بِه. وَقامَ مُحْتَجاًّ, وَ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ الْحَفْلَ , فَا عْتَذَرَ الْمَلِكُ أَ بُو ا ْلأميرةِ لَهُ, وَطَرَدَها مِنَ الْمَأْدُبَةِ. وقَدْ قَبِلَ الضَّيْفُ الاِ عْتِذَارَ , ولَمْ يَخْرُجْ.

         وَقَدْ تَأ َلَّمَ الْمَلِكُ أَلَماً شَدِيداً , لِسوءِ أخْلاقِ ابْنته, وَقِلَّةِ أَدَبِها, وَقِلَّةِ ذَوْقِها فى مُعا مَلَتِها لِلضيُّوفِ , وَضَحِكِها مِنْهُمْ, وَاسْتِهْزاءِها بِهِم , وتَكَبُّرِها عَلَيْهِمْ, وَإِهانَتِها لَهُمْ. وَغَضِبَ مِنْها غَضَباً شَديداً , وَخَجِلَ مِنْ سُوءِ تَصَرُّفاتِها وَأَلْفاظِها وَكَلامِها خَجَلاً كَثيراً.

         ونَذَرَ لِلهِ نَذْرًا أَمامَ الْحاضِرينَ , أَنْ يُزَوَّجَها أَوَّلَ ساءِلٍ (شَحَّاذ) يَأْتىِ أَمامَ الْبابِ لِيَطْلُبَ صَدَقَةً أَوإِحْساناً, سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ أَمْ لَمْ تَرْضَ .,عِقاباً لَها عَلَى وقاحَتِها ,وقِلَّةِ ذَوْقِها, وبَذاءَةِ كَلامِها ,وَسُوءِ أَدَبِها وَأَخْلاقِها , وَقُبْحِ مُعامَلَتِها لِضُيوفِ أَ بِيها مِنَ الْخُطَاّبِ , الرَّ اغِبينَ فى تَزَوُّ جِها, فأُعْجِبَ المَدْعُوُّونَ بِهذِهِ الْعُقوبَةِ, وهذا الْحُكْمِ الَّذى وَعَدَبِهِ أَبوهَا.

 

        وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَياَّمٍ مِنْ هذِهِ الْمأْدُبَةِ , أَ تَى إِلَى الْقَصْرِ ساءِلٌ (شَحَّاذٌ) زَمَّارٌ مِنَ السَّاءِلي نَ , وَوَقفَ بِبابِ قَصْرِ الْمَلِكِ , وَأَخَذَ يَلْعَبُ بِمِزْمارِهِ , وَيُغَنّى تَحْتَ النَّافِذَةِ, وَيَطْلُبُ مِنَ الْحارِسِ إحْساناً أَوْ صَدَقَةً, فَسَمِعَهُ الْمَلِكُ و هُوَ يَزْمُرُ وَ يُغَنّىِ , فَأَمَرَ الْحَرَسَ أنْ يَسْمَحوا لِهذَا  السّاَءِلِ بِالدُّخولِ, فَسَمَحوالهُ , وَأَ دْخَلُوهُ , وهُوَ شابٌّ زَماََّرٌ مَعَهُ مِزْماَرُهُ , قَوِيُّ الْجِسْمِ, طَويلُ الْقامَةِ عَظيمُ الشَّخْصِيَّةِ, وَلكِنْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ الْفَقْرُ , وَيَلْبَسَ مَلابِسَ قَديمَةً, وَأَرْشَدَهُ الْخَدَمُ إِلى الْحُجْرَةِ , الّتى يَجْلِسُ فيها الْمَلِكُ وَاْلأميرةُ الْمُتَكَبِّرَةُ. 

       فَدَخَلَها, وَانْحَنَى أَمامَهما, وَأَخَذَ يَلْعَبُ بِمِزْمارِهِ تَارَةً , وَيُغَنّى تارَةً أُخْرَى ,مُدَّةً لَيْسَتْ بِالْقَصيرَةِ , وَالْمَلِكُ مَسْرورٌ بِمَنْظَرِهِ , وَ اْلأميرَةُ مُحْتَقِرَةٌ لَهُ . وَبَعْدَ أَنِ انْتَهىَ مِنْ زَمْرِهِ وَغِناءِهِ , طَلَبَ إِحْسانًا وصَدَقَةً مِنَ الْمَلِكِ.

      فَقالَ لهُ الْمَلِكُ : لقَدْ أَحْسَنْتَ الزَّمْرَ, وَأَحْسَنْتَ الْغِناءَ. وَكانَ غِناؤُكَ جَميلاً , وَصَوْتُكَ عَذْباً .وَ ِلإِعْجابِى بِزَمْرِك وَغِناءِكَ, سَأُعْطِيكَ ابْنَتِى ا ْلأَميرَةَ مُكافَأَةً لكَ , لِتَكُونَ زَوْجَتَكَ, وَشَريكَتَكَ فى حَياتِكَ.

      فَسُرَّ الْمُوسِيِقىُّ السَّاءِلُ (الشَّحَّاذُ) سُرورًا كَثيرًا, وَتَأًلَّمَتِ اْلأَميرةُ الْجَميلَةُ الْمـتَكَبِّرَةُ تَأَلُّماً شَديدًا, ورَجَتْ أَباها أَلاَّ يُـزَوِّجَها هذاالسَّاءِلَ.

       فَقالَ لها الْمَلِكُ: لَقَدْ نَذَرْتُ لِلهِ نَذْراً, أَمامَ جَميعِ الْمَدْعُوِّينَ إِلى المأْدُبَةِ, أَنْ تَكونى زَوْجَةً  ِلأَوَّلِ ساءِلٍ يَمُرُّ بِالْقَصْرِ , وَيَطْلُب إِحْساناً أو صَدَقَةً . وَهذا الزَّمَّارُ  الشَّابُّ هُوَ السَّاءِلُ اْلأَوَّلُ الَّذى أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَيْكِ, لِيَكونَ زَوْجاً لَكِ , لَقَدْ نذَرْتُ  هذا النّذْرَ , وَوَعَدْتُ هذا الْوَعْدَ. وَيَجِبُ أَنْ أَفى بِنَذْرى, وَأَصْدُقَ فى وَعْدِى ,وَ أُنَفِّذَ كُلَّ كَلِمَةٍ قُلْتُها, وَ أَوْعَدْتُ بِها.

 

         فَبَكَةِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ بُكاءً مُرّاً , وَاسْتَمَرَّتْ تَتَوَسَّلُ إِلى أَبيها, وتَرْجوهُ أَلاَّيُزَوِّجَها هذا السَّاءِلَ الْفَقيرَ, وَلكنَّ أَباها لمْ يَتَأَ ثَّرْ بِبُكاءِها وَرَجاءِها, وَصَمَّمَ عَلَى تَنْفيذِ ما نَذَرَهُ, وَما أَوْعَدَ بِهِ .وَقَدِ اسْتَمَرَّتِ ابْنَتُه فى بُكاءِها, وَالزَّمَّارُ فَرِحٌ مَسْرورٌ فى نَفْسه., ِلأَنَّهُ سَيَتَزَوَّجُ أَمِيرةً لا مَثيلَ لَها فى الْجَمالِ ,سِنُّها تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَأَمَرَ أَبوها باءِحْضارِ الشَّيْخِ , لِكِتابَةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ, فَحَضَرَ الشَّيْخُ , وكُتِبَ الْعَقْدُ, وَشَهِدَ شاهِدانِ عَلَى الْعَقْدِ. وَتَزَوَّجَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ الْمُوسيقِىَّ السَّاءِلَ(الشَّحَّاذ) ,وَلمْ يُعْمَلْ لَها أَىُّ احتِفالٍ., عِقاباً لَها عَلَى سُوءِ أَخْلاقِها وَأَدَبِها وَإِهانَتِها لِكَثيرٍ مِنَ الْمُلوكِ وَالأُمَرَاءِ الَّذينَ حَضَروا لِخِطْبَتِها, وَبِخَاصَّةٍ الْمَلِكُ عادِلٌ.

       وَحينَما انْتَهى الشَّيْخُ مِنْ كِتابَةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ, قالَ الْمَلِكُ ِلابنَتِه: هذا زَوْجُكِ .قُومى وَاسْتَعِدِىّ لِلذَّهابِ مَعَهُ, وَالسَّفرِ إلَى أَىِّ جِهَةٍ يُسافِرُ إلَيْها, وَاْلأِقامَةِ فى أَىِّ كُوخٍ أَوْبَيْتٍ يُقيمُ فيهِ.ولَنْ تَمْكُثِى هُنا .وَلنْ تَعيِشى مَعَنا .وَيَجِبُ أَنْ تُطيعيهِ فى كُلِّ ما يأْمُرُكِ بِهِ .فَهذا السَّاءِلُ زَوْجٌ لَكِ ,وَهُوَ الْمَسْؤلُ عَنْكِ , وَعَلَيْكِ طاعَتُهُ.

       لمْ تَجِدِ اْلأَميرةُ  فاءِدَةً لِلْبُكاءِ , أَوِ الرَّجاءِ ,أَوِ التَّوَسُّلِ. وَأَحَسَّتْ بِنَتيجَةِ سوءِ أَدَبِها , وَعَرَفَتْ أَ نَّها أَصْبَحَتْ زَوْجَةً لٍلسَّاءِلِ الزَّمَّارِ. فَقامَتْ  وَ اسْتَعَدَّتْ لِلسَّفَرِ  مَعَ زَوْجِها , وَأَخَذَتْ  مَعَها ماخَفَّ حَمْله , وَغَلاَ ثَمَنَهُ , مِنَ الْمَلابِسِ  وَالْجواهِرِ .وَلَمْ يُوَدِّعْها أَحَدٌ مِن اْلأُسْرَةِ, وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْها أَحَدٌ .,لبَذَاءَةِ لِسانِها وَتَكَبُّرِها ,وَسُوءِ أَخْلاقِها.وَقَدْ أضخَذَها زَوْجُها السَّاءِلُ مِنْ يَدِها ,وَسافَرَ بِها فَرِحاً مَسْرُوراً بِزَوْجَتِهِ اْلأَميرةِ ,الَّتى أَهْداها الْمَلِكُ إِلَيْهِ ,مُكافأَةً لهُ عَلَى زَمْرِهِ وَغِناءِهِ.

         وَقَدْ أَحَسَّتِ اْلأَميرَةُ فى اْلأَوَّلِ, بِكَثيرٍ مِنَ النُّفورِ وَالتَّأَلَّمِ, حينَما وَضَعَ هذا السَّاءِلُ الْفَقيرُ الزَّمَّارُ يَدَهُ فى يَدِها. أَحَسَّتْ بِفَرْقٍ كَبيرٍ بَيْنَ مَلابِسِهِ الْمُمَزَّقَةِ ,وَمَلا بِسِها الْغالِيَةِ. وَشَعَرَتْ بِكَثيرٍ مِنَ الْخُزْنِ, وَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ ,وَأَحَسَّتْ بِغَلَطَاتِها وَأَخْطاءِها الَّـتى ارْتَكَبَتْها فى أَثْناءِ الْمأدُبَةِ, وَخاصَّةً مَعَ الْمَلِكِ الشَّابِّ عأدِلٍ , فَقَدْ جَعَلَتِ الْجَميعَ يَضْحَكُونَ مِنْهُ ,وَيَسْخرونَ بِهِ ,مَعَ أَنَّهُ كانَ أَحْسَنَ الْحاضِرينَ عِلْماً وَأَدَباً ,وغِنًى وَجاهًا.

وَقَدِاسْتَمَرَّ الزَّوْجانِ ساءِرَيْنِ فىالطَّريقِ ,حَتَّى وَصَلا إلَى غابَةٍ كَبيرَةٍ ,لا يَسْتَطيعُ النَّظَرُ أَنْ يَصِلَ إلَى آخرِ ها وَنِهايَتِها. فَسَأَلَتْ زَوْجَها ,بَعْدَ أَنْ مَكَثَتْ سا ِكتَةً صامِتَةً, لا تَتَكَلَّمُ طولَ الطَّريقِ, مُنْذُ خُرُوجِهِما مِنَالْقَصْرِ,سَأَلَتْهُ: مَنْ صاحِبَ هذِهِ الْغابَةِ هُوَ الْمَلِكُ عادِلٌ. وَلَوْ قَبِلْتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْغابَةُ الْواسِعَةُ مِلْكاً لَكِ اْلآنَ,ولكِنَّكِ احتَقَرتِهِ وَاستَهزَأْتِ بِهِ,وَجَعَلْتِهِ أُضْحوكَةً لِجَميعِ الْحاضِرِينَ ,مِنَ الْمُلوكِ وَاْلأُمَراءِ.وَرَفَضْتِ أَنْ يَكُونَ زَوْجاً لَكِ.فَتَأَوَّهَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ, وَأَظْهَرَتْ آلامَها وَأَحْزانَها, وَنَدَمَها عَلَى ماَ حَدَثَ مِنْها, وَقالَتْ : إِنَّـنى سَيِّءَةُ الْحَظِّ., ِلأَنَّـنى لمْ أَرْضَ بِهِ زَوْجاً .وَلَوْ كانَ لى حَظٌّ ,لَقَبِلْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ الْمَلِكَ عادلاً, وَلكِنَّنى عِشْتُ طُولَ حَيَاتى مُدَلَّلَةً ,أَطْلُبُ ماأَشاءُ, وَأَفْعَلُ ماأُريدُ, وَأَنقُدُ مَن أُريدُ.

         وَقَد اعْتَدْتُ أَلاَّ يُرَدَّ لىِ طَلَبٌ, وَلا تُرْفَضَ لىِ رَغْبَةٌ. وَكانَ هذا كُلُّهُ خطأً فى تَرْبِيَتى اْلأُولَى مُنْذُ صِغَرِى .وَإِنَّنى لمْ أُحِسَّ بِنَتِيجَةِ ما وَقَعَ مِنِّى إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تأَلَّمَ أَبى ,وَطَرَدَنى مِن الْحَفْلِ,وَنَذَرَ لِلّهِ أَنْ يُزَوِّجَنى أَوَّلَ ساءِلٍ, وَما كُنْتُ أَظُنُّ فى يَوْمٍ مِنَاْلأَ يَّامِ أَنْ أَتَزَوَّجَ ساءِلاً ,مُمَزَّقَ الْمَلابِسِ.

         فَقال لَها زَوْجُها: إِنَّكِ تَعُدِّينَ نَفْسَكِ سَيِّءَةَ الْحَظِّ ,ِلأَنَّكِ تَزَوَّجْتِ رَجُلاً فَقيرًا , مَلابِسُهُ قَديمَةٌ ,لاَ يَمْلِكُ طَعَامَ يَوْمِهِ. وَلكِنَّهُ رَجُلٌ مُؤَدَّبٌ, كَريمُ الخُلُقِ,يَعْرِفُ الْواجِبَ , وَيُراعى شُعورَ النَّاسِ ,وَقَدْ رَزَقَهُ اللهُ الصِّحَّةَ وَالْعافِيَةَ,وَيَعْتَمِدُ عَلَى اللهِ وَعَلَى يَدِه فى كَسْبِ مَعِيشَتِه بِعَرَقِ جَبِينه. فَهُوَ يَعْمَلُ ,وَالْعَمَلُ شَريفٌ. وَيَزْمِرُ بِالْمِزْمارِ, وَيُغَنِّى, وَيَعْرِفُ كَثيراً مِنَ اْلأَعْمالِ الْحُرَّةِ الشَّريفَةِ, الَّتى تُساعِدُه فى كَسْبِ رِزْقِه. وليْسَ الْفَقرُ عَيْباًيا سَيِّدتى ,  ولكِنَّ الْعَيْبَ فى سُوءِ اْلأَدَبِ ,وَشَتْمِ النَّاسِ. فَقالَتِ اْلأَميرةُ :هذا كَلامٌ كُلُّهُ صَحِيحٌ,لمْ أَفْهَمْهُ إِلاَّ الْيَوْمَ, ولمْ أَسْمَعْهُ إلاَّ مِنْكَ ا ْلآنَ.

        إِسْتَمَرَّ الزَّوْجانِ يَسيراَنِ فى طَريقِ الْغابَةِ ,حَتَّى انْتَهَياَ مِنْها ,ورَأَيا حَدَاءِقَ جَميلَةً واسِعَةً,مَمْلوءَةً بِافَواكِهِ الْمُخْتَلِفَةِ, وَاْلأَزْهارِ النَّادِرَةِ, فَأُعْجِبَتْ بِها اْلأَميرةُ و َ بِمَناظِرِ ها الْبَديعَةِ , ونِظامِها الْجَميلِ. وَسَأَلَتْهُ:لِمَنْ هذِهِ الحداءِقُ الْجَميلَةُ؟

         فَأَجابَها زَوْجُها :إِنَّها حداءِقُ الْمَلِكِ عادِلٍ ,وَهِىَ حَداءِقُ فِيها كُلُّ أَنْواعِ الْفاكِهَةِ فى العالَمِ ,وكُلُّ أَنْواعِ اْلأَزْهارِ.و لَيْسَ لَها مَثيلٌ فى هذهِ الْبِلادِ. وَلَوْ رَضِيتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْحَداءِقُ مِلْكاً لَكِ الْيَوْمَ.

       فَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ ,وَقالَتْ :وَا أَسَفاهُ!  إِنَّنى سَيِّءَةُ الْحَظِّ, وَلَوْ كُنْتُ سَعيدَةَ الْحَظِّ, لَتَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ عادِلاً الكَريمَ وَ لكِنَّنى تُرِكْتُ لِنَفْسِى ,وَ أُعْطِيتُ الْفُْصَةَ فى اخْتِيارِ زَوْجى, فَلَمْ أُحْسِنْ الاِخْتِيارَ.

      وَاستَمَرَّا يَمْشيانِ حَتَّى انْتَهَتِ الْحدَاءِقُ ,وَوَصَلا إِلَى مَدينَةٍ كَبيرَةٍ ,شَواعِرُها مُتَّسِعَةٌ نَظيفَةٌ ,ومَبانِيها عالِيَةٌ مُنَظَّمَةٌ ,وَ أَهْلُها مُتَعَلِّمونَ, فَأُعجِبَتْ بِها , و بِنَظافَتِها وَمَناظِرِها الْجَميلَةِ ,ونِظامِها الدَّقيقِ ,وَسَأَلَتْهُ: لِمَنْ هذِهِ الْمَدينَةُ الْعظيمَةُ؟

       فَأَجابَها زَوْجُها: إِنَّها مَدينَةُ الْمَلِكِ عادِلٍ . وَلَوْ قَبِلْتِ أَنْ تَتَزَوَّجيهِ لَكانَتْ هذِهِ الْمَدينَةُ مَدينَتَكِ .

        فَحَزِنَتِ اْلأَميرَةُ الْمُتَكَبِّرَةُ, وَتَأَسَّفَتْ لِما حَدَثَ مِنْها ,وَقالَتْ: إِنَّنىِ شَقِيَّةٌ ,سَيِّءَةُ الْحَظِّ. وَلَوْ كُنْتُ سَعيدَةَ الْحَظِّ لَتَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ عادلاً ,وَلا أَفْهَمُ: لِماذَا لَمْ أَتَزَوَّجْهُ؟

فَقالَ لَها زَوْجُها الْمُوسِيِقىُّ :لا أَعْلَمُ لِماذا امْتَنَعْتِ مِنْ تَزَوُّجه. فهذا السَّبَبُ لا يَخُصُّنىِ., وَلا شَأْنَ لى بِهِ .ويُمْكُنِكِ أَن تَسْأَلى نَفْسَكِ عَنِ السَّبَبِ .وَلكِنِّى لا أَدْرِى :لِماذا تَتَمَنَّيْنَ زَوْجاً آخَرَ ؟ألَسْتُ أَناَ زَوْجاً يَصْلُحُ لَكِ؟

       وَأَحَسَّتِ اْلأَمِيرَةُ, حِينَما سَمِعَتْ سُؤَالَ زَوْجِها الْمُوسيِقِّى, أَنَّها لمْ تُراعِ إِحْساسَهُ وَشعورهُ, فَسكَتَتْ, وَضَبَطَتْ نَفْسَها, ولمْ تُجِبْ .وَاسْتَمَرَّتْ ساءِرَةً مَعَهُ, حَتَّى وَصَلا إِلى كوخٍ صَغيرٍ مَبْنِىٍّ بِالطِّينِ وَالْقَشِّ .فَوَقَفَ عِنْدَهُ, وَوَقَفَتْ مَعَهُ ,وَسَأَلَتْهُ: لِمَنْ هذا ا ُلْجُحْرُ الصَّغيرُ؟ لِمَنْ هذا الْكُوخُ الْقَذِرُ ؟

      فَأَجابَها زَوْجُها الْمُوسيقِىُّ : هذا مَنْزِلُكِ ومَنْزِلى أَ يَّتُها اْلأَميرَةُ. هذاهُوَ الْكُوخُ اللَّذِى سَنَعيشُ فيهِ مَعاً.

فَصَاحَتْ وَسَأَلَتْه: أَأَ سْكُنُ فى هذا الْكوخِ بَعْدَ أَنْ كُنْتُ أَسْكُنُ الْقُصُورَ الْعَظيِمَة؟

فَأَجابَها : بِهذا حَكَمَ اللهُ يا سَيِّدَتى .وَلا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها.

فَتَأَلَّمَتْ وَسَأَلَتْهُ: وأَيْنَ مَنْ عِنْدَكَ مِنَ الْخَدَمِ؟

       فَأَجابَها :لا خَدَمَ عِنْدِى يا سَيِّدَتى .,ِلأَنِّى رَجُلٌ فَقيرٌ, لا أَسْتَطيعُ أَنْ أَدْفَعَ أُجْرَةَ الْخَدَمِ. وماذا تَعْمَلينَ بِالْخَدَمِ؟ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعِدِىّ مِنَ اْلآنَ لِتَخْدُمى نَفْسَكِ بِنَفْسِكِ , وَتَقومى بِعَمَلِ كُلِّ ما تَحْتاجينَ إِلَيْهِ, وَتَعيشى كَما يَعيشُ الفُقَراَءُ.

اِذْهَبِى وأَحْضِرِى اَلْحطَبَ وَالْوَقودَ,وَأَعِدِىّ النَّارَ,وَضَعِى الْماءَ فَوْقَها,وَاطْبُخِى لَنا الْعشاءَ., ِلأَبِّى  جاءِعٌ, ومُتْعَبٌ جِدًّا.

فَبَكَتِ اْلأَميرَةُ وسأَلَتْه:وَأَيْنَ الْوقودُ؟ وَكَيْفَ أُعِدُّ النَّارَ؟ وَكَيْفَ أَطْبُخُ الطَّعامَ؟

 

      وَقَالَتْ لهُ:إِنِّى لا أَعْرِفُ شَئًْ مِنْ هذا كُلِّه., ِلأَنِّى لمْ أَعْتَدْ هذا النَّوْعَ مِنَ الْعَمَلِ, وكانَ عِنْدِى كَثيرٌ مِنَ الْخَدَمِ وَالْوَصِيفاتِ لِخِدْمَتى ,ولمْ أَتَعَوَّدْ الاِعْتِمادَ عَلَى نَفْسى,وَ إِنِّى أُحِسُّ اْلآنَ بِأَنَّ هذا خَطَأٌ وَكانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ أَعْتادَ الاِعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ ,وَالْقيامَ بِكُلِّ عَمَلٍ يَحْتاجُ إِلَيْهِ المَنْزِلُ.

       فَهَدَّأَ الزَّوْجُ نَفْسَها ,وَقامَ لِيُساعِدَها فِى إِعْدَادِ كُلِّ شَئٍ ,وَإِخْضَارِ الطَّعامِ .وَبَعْدَ أَنْ أُعِدَّ الْعَشاءُ جَلَسا مَعًا ,وَأَكَلا قَليلاً لِشُعورِهِما بِالتَّعَبِ مِنَ السَّفَرِ الطَّويلِ ,ثُمَّ ذَهَبا إِلَى الْفِراشِ ,وَنامَا فى سَرِيرٍ عَلَى حَشِيَّةٍ (مَرْتَبة) غَيْرِ مُريحَةٍ , فى حُجْرةِ نَوْمٍ ضَيِّقَةٍ, بِها قَليلٌ مِنَ اْلأَثاثِ.

       وَفى الصَّباحِ الْمُبَكِّرِ أَيْقَظَها الْمُوسيِقىُّ السَّاءِلُ لِتَكْنُسَ الْبَيْتَ وَتُنَظِّفهُ ,وَتُعِدَّ الْفَطورَ, فاسْتَيْقَظَتْ وَهِىَ مُتَضايِقَةٌ ,وَكانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَتْرُكَها ناءِمَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وترْتَفِعَ فى السًّماءِ. وَأَرَاها أَدَواتِ التَّنْظيفِ, وَساعَدَها حَتَّى كَنَسَتِ الْحُجَرَ ونَظَفَّتْها, وَرَتَّبَتْ  حُجْرَتَ النَّوْمِ  ,وَأَعَدَّتِ الْفطورَ عَلَى مِنْضَدَةٍ صَغيرَةٍ .وَتَناوَلاَ الطَّعامَ مَعاً ,ثُمَّ أَخَذَتِ اْلأَوانِىَ إِلَى الْمَطْبَخِ ,وَلمْ تَعْرِفْ كَيْفَ تَغْسِلُها ,وَساعَدَها فى غَسْلِها وَتَجْفيفِها.

        وَ قَدْ عاشَ الزَّوْجانِ هكَذا يَوْمَيْنِ كامِلَيْنِ فى الْكوخِ ,حَتَّى أَكَلا كُلَّ ما كانَ فيهِ مِنَ الطَّعامِ ,وَلمْ يَبْقَ فيهِ شَئٌ مُطْلَقاً .وَفى الْيَوْمِ الثَّالِثِ قالَ لَها: إِنَّنا لا نَسْتَطيعُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فى الْبَيْتِ  بِهذا الشَّكْلِ ,مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ .فَقَدْ أَنْفَقْتُ كُلَّ ما كانَ مَعى مِنَ النّقودِ, وَأَكَلْنا كُلَّ مافى الْبَيْتِ مِنَ الطَّعامِ .وَسأُ ضْطَرُّ إِلَى الْخُرُوجِ لِلْبَحْثِ عَنْ رِزْقى .وَيَجِبُ أَنْ تَتَعَلَّمِى شَئً يُساعِدُ فى كَسْبِ الْمَعيشَةِ ,وَسَأُعَلِّمُكِ كَيْفَ تَصْنَعينَ السِّلالَ ,ثُمَّ خَرَجَ الزَّوْجُ , وأَخْضَرَ حُزْمَةً مِنْ عيدانِ الْقَصَبِ (الْغاب)وَالْحَلْفاءِ ,وعَلَّمَها كَيْفَ تُصْنَعُ السَّلَّةُ .,حَتّضى تَصْنَعَ سَلاَّتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَها لِمَنْ يَحْتاجُ  إِلَيْها فى السُّوقِ كُلَّ أُسْبوعٍ .وَبَدَأَتْ بِالْفِعْلِ تَقْطَعُ الْعيدانَ ,وَتَصْنَعُ مِنْهاسَلَّةً ,فجُرِحَتْ أَصابِعُها وَخُدِشَتْ., ِلأَنَّها لمْ تَتَعَوَّدْ ا ِلاعْتِمادَعَلَى نَفْسِها,وَالْعَمَلَ بِيَدِها مِنْ قَبْلُ.

       فَقالَ لَها زَوْجُها: إنَّ هذا الْعَمَلَ لا يُناسِبُكِ ,وَلا يَصْلُحُ لَكِ,ثُمَّ أَخْضَرَ لَها مُغْزَلاً ,وَشَئً مِنَ الصُّوفِ .,لِيُعَلِّمَها غَزْلَ الصُّوفِ ,مُعْتَقِدًا أَنَّ الْعَزْلَ أسْهَلُ مِنْ عَمَلِ السِّلالِ .وَبَيَّنَ لَها طَريقَةَ اسْتِعْمالِ الْمُغْزَلِ ,ثُمَّ جَلَسَتْ ,وَحاوَلَتْ أَن تَغْزِلَ كَما عَلَّمَها,وَلَكِنَّ الخُيوطَ جَرَحَتْ أَصابِعها الرَّقيقَةَ حَتّى خَرَجَ مِنْهاالدَّمُ .فقالَ لَها زَوْجُها ,وقَدْ أَرادَ أَنْ يُعَوِّدَهاالْعَمَلَ ,وَا ِلاعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ :اُنْظُرِ ى! إِنَّكِ لا تَسْتَطيعينَ الْقِيامَ بِأَىِّ عَمَلٍ مِن اْلأَعْمال. وَيَجِبُ أَنْ تَعْتادِى  الْعَمَلَ.وكُلُّ إِنْسانٍ يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ . لا فَرْقَ بَيْنَ أَميرٍ وَحَقيرٍ,وَغَنِىٍّ وفَقيرٍ .فَالْعَمَلُ الْيَدَوِيُّ شَريفٌ, وَلا عَيْبَ فِيهِ.وإنَّ الْعَمَلَ دَليلٌ عَلَى الْحَياةِ .ولا تُسَمَّى الْحَياةُ حياةً إِلاَّ بالْعَمَلِ .وَيَظْهَرُ لى أَنَّكِ لا تَصْلُحِينَ لِشَئٍ مُطْلَقاً.وَأَعتَقِدُ أَ نَّنِى سَئُِّ الْحَظِّ .,ِلأَنِّى تَزَوَّجْتُ أَميرَةً لاَ تَعْرِفُ  شَئً عَنِ الْعَمَلِ,وَلا يُمْكِنُها أَنْ تَقومَ  بِأىِّ عَمَلٍ .,فَقَدْ  كانَتْ حياتُها  الْماضِيَةُ كُلُّها كَسَلاً  وَخُمولاً وَنَوْماً , وراَحَةً بِغَيْرِ عَمَلٍ .وَعَلَى أَ ىِّ حالٍ سَأُُجَرِّبُ مَعَكِ نَوْعاً آخَرَ مِن الْعَمَلِ,وَسَأَشْتَرِى بَعْضَ اْلأَوانِ الصّيِنِيَّةِ  وَاْلأطْباقِ,وَ ْلأكْوابِ الزُّجاجِيَّةِ ., لِتَبِيعيها فى السُّوقِ ,وَتَتَّجِرِ ى فِيها وَسَأُبَيِّنُ  لَكِ ثَمَنَ كُلِّ نَوْعٍ .,حَتَّى تَحْصُلى عَلَى رِزْقِكِ , مِنْ عَمَلٍ شَريفٍ.

       فَتَأَلَّمَتْ, وَتَأَوَّهَتْ ,وَقَالَتْ :وَاأسَفاهُ! لَقَدْ حَكَمَ عَلَىَّ الزَّمانُ باِلوُقُوفِ فى السُّوقِ ,لِبَيْعِ اْلأَكْوابِ. وَماذا أَفْعَلُ إِزَا مَرَّ فى السُّوقِ بَعْضُ اْلأُمَراءِ  أَوْ رِجالِ الْقَصْرِ؟ماذا أَفْعَلُ إِذا رَ أَوْنِى وَأَنا أَبيعُ فى مَكانٍ عَامٍّ ؟إِنَّهُمْ سَيَضْحَكونَ مِنِّى ,ويَسْخَرونَ بِى,مِنْ غَيْرِ شَكّ.

         فَقالَ لَها زَوْجُها :هذِهِ مَظاهِرُ ياسَيِّدَتى ,ويَجِبُ ألاَّ نُبالِىَ باِلْمَظاهِرِ, وَ أَنْ نُفَكِّرَ فى الْواقِعِ ,ونَعْتَمِدَ عَلَى أَنْفُسِنا ,وَنَعْمَلَ بِأَيْدينا ,ونَكْسِبَ عَيْشَنا بِعَرَقِ جَبينِنا, وَلا نَتَّكِلَ عَلَى أَحَدٍ. يَجِبُ أَنْ نُعِدَّ أَنْفُسَنا لِلْحَيَاةِ,وَنَتْرُكَ حَياةَ الْكَسَلِ ,والاِعْتِمادَ عَلَى غَيْرِنا .يَجِبُ أَنْ تَذْهَبِى وَتَعْمَلِى ,وَتَتَّجِرِى فى اْلأَدَواتِ الصِّيِنِيَّةِ إِذا كُنْتِ لا تُريدينَ أَنْ تَموتىِ جوعاً.

اِسْتَمَعَتِ اْلأَميرَةُ لِنَصِيحَةِ زَوْجِها ,وَبَدَأَتْ  تَتَّجِرُ فى السُّوقِ.

       وَقَدْ نَجَحَتْ تِجارَتُها فى الْبَدْءِ نَجاحاً كَبيراً ,فَقَدْ شَجَّعَها كَثيرٌ مِمَّنْ رَأَوْها, مِنَ السَّيِّداتِ وَالرِّجالِ ,وَعَطَفَ عَلَيْها الْجَمِيعُ .,رَأْفَةً بِها ,وَإِعْجاباً بِجَمالِها :وَكَثيراً ماَ كانُو يَشْتَرونَ الْبِضاعَةَ, وَلا يَأْخُذُونَها, وَيَتْرُكونَها لَها تَشْجيعاً لَها.

        رَبحَتِ اْلأَميرَةُ كَثيراً فى تِجارَتِها الْجَديدَةِ ,وَاعْتادَتِ الْعَمَلَ,وعَرَفَتْ كَيْفَ تَعْتَمِدُ عَلَى نَفْسِها فى حَياتِها وكَسْبِ عَيْشِها ,وعاشَتْ مَعَ زَوْجِها عيشَةً راضِيَةً, وَشارَكَتْهُ حَياتَه, خَيْرَها وشَرَّها,وَرَاحَتَها وَتَعَبَها.وقَدْ نَجَحَ زَوْجُها فى تَأْديبِها وَتَهْذيبِها,وَأصْبَحَتْ فى حَياتِها الزَّوْجِيَّةِ مُخْتَلِفَةً كُلَّ ا ِلاخْتِلافِ,عَن حَيَاتِها ا ْلأُولَى,حَياةِ الْكَسَلِ وَالْخُمولِ ,وقِلَّةِ ال ذَّوْقِ ,وسُوءِ ا ْلأَدَبِ .وَصارَتِ اْلآنَ مَثَلاً عالِياً لِلزَّوْجَةِ الْمُطيعَةِ الْمُتَواضِعَةِ, الْمُؤَدَّبَةِ الْكامِلَةِ. وفى يَوْمٍ مِنَ ا ْلأَ يَّامِ ,اشْتَرَى لَها زَوْجُها مِقْداَرًا كَبيرًا مِنَ الْبِضاعَةِ الصّيِنِيَّةِ والزُّجاجِيَّة,فاتَّخَذَتْ لَها رُكْناً جَديداً فى السُّوقِ وَوَضَعَتْ فيهِ بِضَاعَتَها الْجَديدَةَ ,وَهِىَ فَرِحَةٌ بِها ,وَجَلَسَتْ لِتَبيعَ وَتَتَّجِرَ كَعادَتِها يَوْمَ السُّوقِ.فَحَضَرَ لِسوءِ الْحَظِّ,جُنْدِىٌّ مُسْتَهْتِرٌ, يَرْكَبُ حِصاناً جامِحاً شَقِيًّا,وَاقْتَحَمَ حانُوتَها,وَكَسَّرَ كُلَّ ماكانَ فيهِ مِنَ ا ْلأَوانى الصّيِنِيَّةِ ,وَا ْلأَطْباقِ الْخَزَفِيَّةِ ,وَ اْلأَكْوابِ وَا ْلأَباريقِ الزُّجاجِيَّةِ,حَتَّى لَمْ يَبْقَ فى الْحانُوتِ شَئْ ٌ دُونَ أَنْ يُكْسَرَ ,وَصارَتْ بِضاعَتُها كُلُّها أَجْزَاءً مَكْسورَةً مُتَناثِرَةً ,هُنا وَهُناكَ.فَأَخَذَتْ تَبْكى, ولَمْ تَعْرِفْ ماذا تَفْعَلُ ,وقَدْ ذَهَبَ  الْجُنْدِىُّ الْمُسْتَهْتِرُ بِحِصانِهِ .وَماذا تَسْتَطيعُ أَن تَعْمَلَ مَعَه؟ وَأَخَذَتْ تَسْأَلُ نَفْسَها: ماذا أَقولُ لِزَوْجى؟ وَكَيْفَ أُقابِلُهُ؟ وَماذاَأَعْمَلُ؟وقَدْ كُسِرَتِ الْبِضاعَةُ كُلُّها, وَفَقَدْنا كُلَّ ما كانَ عِنْدَنا مِنْ تِجارَةِ الصّيِنِىِّ. وَماذا سَيَقولُ زَوْجى حِينَما يَسْمَعُ الْخَبَر ,ويعرِفُ ما حَدَثَ؟ وَلمْ تَجِدْ فاءِدَةً مِنَ البَقاءِ فى مَكانِها بِالسُّوقِ ,فَجَرَتْ إِلَى المَنْزِلِ وهِى مُتَأثِّرَةٌ كُلَّ التَّأَ ثُّرِ ,حَزينَةٌ كُلَّ الْحُزْنِ لِزَواِل تِجارَتِها وَأَخْبَرَتْ زَوْجَها بِكُلِّ ماحَدَثَ.

فَقالَ لَها زَوْجُها: لَوْ كانَ عِنْدَكِ شَئْ ٌ مِنَ التَّفْكير, ماوَضَعْتِ أَدَوَاتٍ صِيِنِيَّةً وزُجاجِيَّةً و خَزَفِيَّةً بِالشَّكْلِ الَّذى وضَعْتِهِ فى الرُّكْنِ الْجَديدِ الّذى اخْتَرْتِهِ  مِنَ السُّوقِ ,حَيْثُ يَسْتَطيعُ كُلُّ إِنْسانٍ أَنْ يَمُرَّ بِهِ .وَهذا دَرْسٌ لَكِ ,تَتَعَلَّمينَ مِنْهُ التَّفْكيرَ فى الشّىْءِ وَنَتاءِجِهِ ,قَبْلَ أَنْ تُقْدِمى عَلَيْهِ ,وَقَبْلَ أَنْ تَعْمَليهِ.وَلا فاءِدَةَ اْلآنَ مِنَ الِسْتِمْرارِ  فىالْحُزْنِ وَالْبُكاءِ. وَأَعْتَقِدُ أَنَّكِ لا تَصْلُحينَ لِهذا النَّوْعِ مِنَ الْعَمَلِ .ولِهذا ذَهَبْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْقَصْرِ الْمَلَكِيِّ., ِلأَبْحَثَ لَكِ عَنْ عَمَلٍ فى الْمَطْبَخِ .وَقَدْ وَعَدَنى مَديرُ الْقَصْرِ أَنْ يَقْبَلَكِ خادِماً فى الْمَطْبَخِ.,لِتُساعِدى الطَّبَّاخينَ فى تَنْظِيفِ الْمَطْبَخِ ,وَغَسْلِ اْلأَوانِى وَتَجْفِيفِها. وسَتَجِدينَ هُناكَ كَثيراً مِنَ الطَّعامِ.وسيُسْمَحُ لَكِ أَنْ تَأْخُذى مَعَكِ فى الْمَساءِ إِلَى بَيْتِكِ شَئْ ً مِنَ الطَّعامِ الَّذى يَبْقَى لِتَأْكُلِيهِ وَآكُلَ مَعَكِ.

      فَقَبِلَت ا ْلأَميرَةُ هذا الَحلَّ ,وَلَمْ تَعْتَرِضْ عَلَى أَنْ تَكونَ خادِماً فى الْمَطْبَخِ, بَعْدَ أَنْ كانَتْ تَهْزَأُ بالمُلوكِ و اْلأُمَراءِ والنُّبَلاءِ,وَتَضْحَكُ مِنْهُمْ ,وَتَسْخَرُ بِهِمْ.

       وَرَضِيَتْ أَنْ تَعيشَ عَلى فَضَلاتِ الْمَطْبَخِ مَعَ زَوْجِها الْفَقيرِ .وَهذا حُكْمُ اللهِ ,يُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ يشاءُ ,وَيُعِزُّ مَنْ يَشاءُ ,وَيُذِلُّ مَنْ يَشاءُ. إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ قَديرٌ. وَقَدْ نَجَحَ زَوْجُها كُلَّ النَّجاحِ, فى تَأْديبِها وَتَهْذيِبِها ,وَتعْويدِها الاِعْتِمادَ عَلَى النَّفْسِ,وَالْعَمَلَ ,مَهْما يَكُنْ ذلِكَ العَمَلُ.

 

       وَبَعْدَ مُضِىِّ أُسْبوعَيْنِ مِنْ عَمَلِها فى مَطْبَخِ الْقَصْرِ ,سَمِعَتْ مِنَ الطَّبَّاخينَ أَنَّ الْمَلِكَ الشَّابَّ سَيَحْتَفِلُ بِزَواجِهِ الَّليْلَةَ  اِحْتِفالاً عَظيماً .وَقَدْ أُقيمَتِ الزِّيناتُ فى كُلِّ مَكانٍ. ودُعِىَ الْعُظًماءُ وَالْعُلَماءُ لِهذا الاِحْتِفالِ .وَعَرَفَتْ أَنَّهُ سَيَمُرُّ مِنَ الطَّريقِ ,فَذَهَبَتْ إِلَى نافِذَةٍ مِنَ النَّوافِذِ ,وَنَظَرَتْ لِتَرَى هذا الاِسْتِعْدَادَ,فَوَجَدَتْه تامًاّ وجَميلاً.فَحَزِنَ قَلْبُها لِرُؤْيَةِ هذِهِ الْمَظاهِرِ ,وَشَعَرَتْ بِسُوءِ حَظِّها ,وَنَدِمَتْ عَلَى ما فَعَلَتْ فى الْماضِى,وَتَذَكَّرَتْ أَنَّ تَكَبُّرَها كانَ سَبَبًا فى سوءِ بَخْتِها, وَأَنَّ سوءَ أَدَبِها هُوَ الَّذى جَعَلَها خادِمًا ذَليلَةً وَضيعَةً.وَاَخَذَتْ تَذْكُرُ فى نَفْسِها تَصَرُّفاتِها الْماضِيَةَ,وَ تُوَبِّخُ نَفْسَها عَلَى ما حَدَثَ مِنْها ,مِنْ سُوءِ أَدَبٍ ,وَقِلَّةِ ذَوْقٍ, وَغَطْرَسَةٍ وَتَكَبُّرٍ ,وكَسَلٍ وَخُمولٍ,وَإِهانَةٍ لِغَيْرِها مِنَ النَّاسِ ,وَعَدَمِ التَّفْكيرِ فى شُعورِهِمْ .وَسَأَلَتِ اللّهَ  أَنْ يعْفُوَ عَنْها, وَيَقْبَلَ تَوْبَتَها ,وَيَرْضَى عَنْها.

      وفى الْمَسَاءِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ,أَعْطاها الْخَدَمُ كَثيراً مِنَ اْلأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ, لِتَأْخُذَها مَعَها إِلَى كوخِها, فَوَ ضَعَتْها فى سَلَّتِها ,وَخَرَجَتْ لِتَذْهَبَ إِلَى زَوْجِها .فَقابَلَها عِنْدَ بابِ الْقَصْرِ  الْمَلِكُ الَّذى سَيُحْتَفَلُ بزَواجِهِ اللَّيْلَةَ ,وَقَد لَبِسَ مَلا بِسَ ذَهَبِيَّةً, وَأَخَذَها مِنْ يَدِها ,وَقالَ لَها :يَجِبُ أَنْ تَشْتَرِكِى مَعِى فى هذا الاِ حْتِفالِ اللَّيْلَةَ .فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ اْلأَميرَةُ الْجَميلَةُ ,زَوْجَةُ الْمُوسِقِىِّ الْفَقيرِ, فَعَرَفَتْ أَنَّهُ الْمَلِكُ عادِلٌ ,وَأَنَّ الْقَصْرَ الَّذى تَخْدُمُ فيهِ هُوَ قَصْرُ الْمَلِكِ ,الَّذى رَفَضَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ, وَسَخِرَتْ مِنْهُ , وَهَزِءَتْ بِهِ,وَجَعَلَتِ النَّاسَ يَضْحَكونَ مِنْهُ وَيَسْتَهزِؤُنَ بِهِ.

        فَارْتَبَكَتِاْلأَميرَةُ, وَاضْطَرَبَتْ ,وَخافَتْ حِينَما عَرَفَها وَعَرَفَتْه. وَقَدْ أَمْسَكَ الْمَلِكُ بِي َدِها ,وَأَخَذَها مَعَهُ ,وأَدْخَلَها الْقَصْرَ ثانِيَةً, والسَّلَّةُ فى يَدِها اْلأُخْرَى ,وقَدْ وَقَعَ غِظاؤُها ,وَسَقَطَت اْلأَطْعِمَةُ عَلَى اْلأَرْضِ ,وَرَآها الْحاضِرُونَ ,فَضَحِكُوا مِنْها, وخَجِلَتْ مِنْ نَفْسِها خَجَلاً شَديدًا,وَتَمَنَّتْ أَنْ تَبْتَلِعَها  اْلأَرْضُ فى أَعْماقِها.,فَقَدْ رآها خَطيبُها السَّابِقُ  الْمَلِكُ عادِلٌ ,وَهِىَ فَقيرَةٌ ,تَخْدُمُ فى مَطْبَخِهِ,وَتَحْمِلُ سلَّةً  بِها شَئْ ٌ مِنْ بَقايا الطَّعامِ .وَجَرَتْ نَحْوَ البابِ لِتَهْرُبَ مِنَ الْمَلِكِ عادِلٍ ,الَّذى رَفَضَتْ مِنْ قَبْلُ أَن تَتَزَوَّجَهُ ,وَلكِنَّهُ لَحِقَها ,وَأَ رْجَعَها ثانِيَةً إِلَى الْقَصْرِ ,وَأَخْبَرَها بِحَقِيقَةِ  اْلأَمْرِ ,وَاعْتَرَفَ لَها بِالسِّرِّ , وَقالَ لَها :لا تَخافىِ ولاتَحْزَنى .,فَأَنا زَوْجُكِ الموسِيِقىُّ  الَّذى عاشَ مَعَكِ فى الْكُوخِالْحَقيرِ, وَقَدْ مَثَّلْ تُ دَوْرَ الزَّمَّارِ  السَّاءِلِ الْفَقيرِ ,مَعَ أنِّى الْمَلِكُ الَّذى استَهَزَأْتِ بِهِ .

 

 

 

 

 

 

 

         وَحينَما سَمِعْتُ نَذْرَ أَبيكِ أَنْ يُزَوِّجَكِ  أّوَّلَ ساءِلٍ ,ذَهَبْتُ إِلَى قَصْرِ وَالدِكِ, وَادَّعَيْتُ أَنِّى ساءِلٌ يَحْتاجُ إِلَى إِحْسانٍ .,وَتَظاهَرْتُ بِا َلْحاجَةِ وَالْفَقْرِ .,لِكَىْ أَتَزَوَّجَكِ .وَقَدْ وَفَى والِدُكِ بِوَعْدِهِ وَنَذْرِهِ .وَأَعْطانىِ إِيَّاكِ.,لِتَكونىِ زَوْجَةً لىِ .وَقَدْ فَعَلْتُ هذا كُلَّهُ.,ِلأَنِّى أَحْبَبْتُكِ كَثيراً .وَقَدْ أَخَذْتُكِ إِلَى هذا الْكوخِ الْمُتَواضِعِ, وحَتَمْتُ عَلَيْكِ أَن تُعِدِىّ الطَّعامَ, وَتَغْسِلى اْلأَطْباقَ ,وتُرَ تِّبى الْمَنْزِلَ ,وتَعْمَلِ السِّلالَ ,وَتَغْزِلى الصُّوفَ ,وَتَتَّجَرِ ى فى اْلأَوانِى تاصِيِّنِيَّةِ  ِلأُعْطِيَكِ دُروساً فىا ِلاعْتِمادِ عَلَى النَّفْسِ ,وَحُبِّ الْعَمَلِ ,وعَدَمِ  ا ِلاتِّكالِ عَلَى أَحَدٍ .وأَنا الْجُنْدِىُّ الّذى كانَ  فى السُّوقِ ,وكَسَّرَ لَكِ كُلَّ مافى الْحانُوتِ مِنْ أَدَوَاتٍ صيِنيَّةٍ وَزُجاجِيَّةٍ .وَقَدْ أَوْ جَبْتُ عَلَيْكِ أن تَخْدُمى  بِمَطْبَخِى, فَرَضِيتِ بِالْخِدْمَوِ وَالْعَمَلِ فى الْمَطْبَخِ, وَقَبِلْتِ أَنْ تَعيشى عَلَى بَقايا الطَّعامِ .وَقَدْرَتَّبْتُ هذا كُلَّهُ  ِلأُعْطِيَكِ دَرْسًا فى التَّواضُعِ- فَمَنْ تَواَضَعَ لِلهِ رَفَعَهوَلِتَتْرُكِى الفَخْرَ وَالتَّكَبُّرَ ,وَالاِ سْتِهْزاءَ بِالنَّاسِ, وإِهانَتَهُمْ ,وَقِلَّةَ الذَّوْقِ, وَسُؤَ اْلأَدَبِ .وَاْلآنَ قَدْ تُبْتِ ,وَنَدِمْتِ عَلَى مافَعَلْتِ, وَتَعَوَّدْتِ ا ِلاعْتِمادَعَلَى النَّفْسِ ,والرَّغَبَةَ فىالعَمَلِ ,وَتَدْبيرَ شُؤُنِ الْبَيْتِ ,وأَصْبَحْتِ تُحْسِنِينَ مُعامَلَةَ النَّاسِ, وتُفَكِّرِينَ فى فى شُعُورِهِم ,وصِرْتِ مَثَلاً عالِيًا لِلْقناعَةِ وَالرِّضاَ والتَّواضُعِ ,وَالطَّاعَةِ  وَالصَّبْرِ , وَذَهَبَتْ سَيِّءتُكِ ,وحَسُنَتْ تَصَرُّفاتُكِ ,وَانْتَهى  الْماضى بِمافِيهِ .وَسَنَبْدَأُ اللَّيْلَةَ حَياتَنا الْجَديدَةَ ,حَياتَنا الْحَقِيقِيَّةَ, الّتى لا ادِّ عاءَ فيها وَلا تَظاهُرَ .وَسَنَحْتَفِلُ اللَّيْلَةَ بِزَواجِنا احْتِفالاً رَسْمِيّاً فى قَصْرِنا هذا .وأَنْتِ اْلأَميرَةُ والزَّوْجَةُ ,وأَنا الْمَلِكُ وَالزَوْجُ .وسَيَحْضُرُ بَعدَ قَليلٍ أَبوكِ الْمَلِكُ ,وَأُمُّكِ  الْمَلِكَةُ,وجَميعُ أَفْرادِ أُسْرَتِكِ. وقَدْ حَضَرَتِ الْوصيفاتُ, وأَحْضَرْنَ لَها مَلا بِسَها الْجَميلَةَ ,وَاسْتَعَدَّتْ لِلاِحْتِفالِ ,وَلَبِسَتْ مَلاَ بِسَها وجَواهِرَها  الّتِى  أُعِدَّتْ لِلزَّواجِ .وَاحْتَفَلَتْ  أُسْرَتُها وأ سْرَةُ زَوْجِها الْمَلِكِ بِزَواجِهِما احْتِفالاً يَليقُ بِهِما.وَهَنَّأَهُما الْجَميعُ تهنِءَةً   صادِقَةً .وتَقَبَّلَ الزّوْجانِ التّهانِئَ بِالشُّكْرِ و السُّرورِ .وَكانَتِ الوُجُوهُ كُلُّها فَرِحَةً ضاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً .وَعاشَ الزَّوْجانِ عيشَةً سَعيدَةً راَضِعَةً ,كُلُّها سَعادَةٌ وَهَناءَةٌ وتَوْفيقٌ .وكُنْتُ أَتَمَنَّى أَن تَشْرِكَ أَنْتَ ,وأَشْتَرِكَ أَنا فى هذا الاِحْتِفالِ الْجَميلِ..

 

 

 

أَسْئَلَة فى القصة :

1-بماذا كانت توصف الأَميرة؟

2-ماذا حدث منها فى الاحتفال الذى أقامه أَبوها؟

3-بماذا سمّت الملوك والأمراءَ السبعة؟

4-لماذا طرد الملك ابنته من الحفل؟

5-ماذا عاقبها أَبوها؟

6-هل وفى الملك بنذره؟

7-ماذا كافأ الملك الزمار؟

8-كيف كان شعور الأَميرة حينما تزوجت الزمار؟

9-كيف كان شعور الزمار؟

10-لماذا لم يعمل لها احتفال حينما تزوجت الزمار؟

11-بماذا نصح لها أَبوها قبل خروجها؟

12-لماذا لم يودعها أحد من أسرتها؟

13-ماذا رأى الزوجان وهما سائران فى الطريق؟

14-متى أَحست الأَميرة بخطئها؟

15-لماذا عدت نفسها سيئة الحظ؟

16-لِمن الغابة والحدائق والمدينة؟

17-كيف عودها زوجها الاعتماد على النفس,وحب العمل؟

18-لماذا اختار لها السكنى فى الكوخ؟

19-ما الصناعات التى تعلمتها؟

20-لماذا تألمت من البيع فى السوق؟

21-لماذا اختار لها الخدمة فى المطبخ؟

22-هل نجح زوجها فى تأديبها وتهذيبها؟

23-فى أى قصر كانت تخدم؟

24-لماذا ارتبكت حينما قابلت عادلاً؟

25-لماذا أَرادَت أَن تهرب منه؟

 

 

 الحصان الضائع

 

كان ياما كان... كان هناك بنتٌ   اسمها دعاءً...وكانَ لدعاءٍ اَجٌ اسمهُ جملٌ...و كان الاخو انِ يقضيانِ العطلةَ الصيفيةَ في مزرعةِ جدً هِما  وذلكَ لمسا  عدتهِ في عملهِ القاسي والشاقِّ...فقدْ كانا يحصدانِ و يقطعانِ الاخشابَ و يصلحان السورَ القديمَ...

وفي أ حدِ الايامِ...بينما كان الا خو انِ منهمِكيْنِ  في العملِ...سمعا صجة  خلفهما... فاستد ار الير يا مصدر هاَ , فوحدا حصا ناً. اِنه  حصانٌ جميلٌ يعر جُ  في مشيتِهِ...فقالَ  جميلٌ  متساءلاً: من اَينَ  أتي هذا الحصانُ  يا تري­!!!. فردّت دعاءُ: لا بدَّ أ نهُ  حصانٌ جامعٌ

 

 

قلَ لها  جميلٌ: مهما  كانَ أ مرُ هذا  الحصانِ...فلابدَّ لنا  منْ مسا عدتهِ... واقتربَ  جميلٌ من الحصانشِ..وبدأ يُربِّتُ علي ظهرِهِ... ثمَّ فحَصَ قواإمهُ ... فوجدَ شوكةً مغروزةً في إ حداها...فنادي جميلٌ لدعاء: تعالي  يا أختي, وسا عديني في انتز اع هذِهِ الشوكةِ.

جلسَت دعاءُ علي ركبتيها...وانتز عت من قاإمةِ الحصانِ  شوكة حادة... عندأذ صهل الحصانُ صهيلاً قوياًًّ يعبرَّ عن شكره للطفلين...ثم ركض مسرعاً حتي اختفي عن أ عينهما...

 

و بعدَ قليلٍ عادَ  الحصانُ مِنْ جديدٍ...فامتطاهُ الطفلانِ فأخذ يعدو بهما مسر عاً بين الحقولِ والبسا تينِ...فقال جميلٌ:كم هو سريعٌ...وردَّ تْ دعاء: مارأيكَ أ نسميهِ رعدًا...فهو يستحقُ هذا الإسمَ...وهكذا أصبحَ رعدٌ صديقاً للطفلينِ...

 

  وفي أحدِ الأيامِ رجع الطفلان إلي البيت فوجدا جدهما حزيناً...فسألتهُ دعاءٌ:

ما الخطبُ جدّي...؟ فأ جاب الجدُّ: أنا بحاجةٍ ماسةٍ للمالِ..فإذا لم أدفعْ ما عليَّ من مالٍ فسيبيعونَ مزرعتي...ففكرت دعاءُ قليلاً ثم قالت: عندي فكرةٌ جديدةٌ...وأظنُ أ ن الحصانَ رعدً سيساعدنا في تحقيقها....

 

وتابعت دعاءٌ  القولَ: قريباً...سيقامُ  سباقٌ  للخيولِ...وسأ شاركُ فيهِ مع صديقي الحصانُ, وسنربحُ  مالاً  كثيراً...وهكذا راحتْ  دعاءٌ تتدرب يومياً علي  الحصانِ: أمامَ أعينِ جدَّها و أخيها...اللذينَ  كانا يشجعا نها...أملاً  في أتحرز َ  المركزَ الأولَ  السباقِ...

 

وفي يومِ  السباقِ...بعدما أعطي  رءيسُ القرية إ شارةَ البدءِ...انطلقت الخيولُ تعدو و كانَ  في المقدمةِ شاباً يبتسمُ  ساخراً من  بقيةِ المتسابقين...أما دعاءٌ... فراحت تقول لحصانها:  أ نتَ الأقوي...إنكَ الأقوي... علينا أ ن نربحَ السباقَ...هيا أسرع...أسرع...!

 

ولم يصدق الجدُّ  وجميلُ  ما رأت  أعينهما عندما أصبحت دعاءُ في المقدمةِ... وربحت السباقَ   أمامَ أعينِ  منا فسها الشابِّ الغيورِ..وصفَّقَ الجمهورُ طويلاً لدعاءٍ...وحصانها  القويِّ والجميلِ...

 

وما إن عادوا إلي المزرعةِ...حتي  أطلقت دعاءٌ سراحَ حصانها رعدٍ...فبدأ رعدٌ يلعقُ وجهها وكيفها...ثمَ ا نطلقَ  دونَ عودةٍ إلي البر اري...حيث كانَ ينتظرهُ أصدقاوه...

 

 

المغامرة العجيبة

 

في أحدِ ايامِ الصيفِ الجميل...ركب حسانُ وبتول در اجتيهما...وراحا يتنزهان فيالقرية...ولكنَّ الإطارات...لسوء الحظ...لم تتحمل الحجارة فيالطريق...

 

 

 

 

فانفجر إطارُ دراجةِ حسانٍ...فشرع يتفحصُ العطبَ في دراجته ِ ,وقال لبتولِ: علينا أنْ نعودَ الى البيتِ مشياً على الاقدامِ.

 

 

 

 

 

وفي لوقتِ ذاتهِ مر والدُ صديقهما باسلٌ على جراره. فقالَ لهما: لاتحزنا: يمكنكما الذهاب إلى بيتنا القريبِ...وهناك تصلحان الدراجة مع باسلَ خلال دقاءقَ...

 

 

 

 

وفي الطريق نادا هما السيدُ أحمد قاءلاً...

تعالا بسرعةٍ أيها الصغيران...ساعدِاني...إنَ ابنتي الصغيرةَ قدْ كسرتْ قدمها...وأنا لا أستطيعُ استدعاءَ الطبيب...فسيارتي معطلةٌ .. والعيادةُ بعيدةٌ جدًّا.

 

ولما كانَ حسانُ وبتولُ قد أخذا دروساً في الإسعافاتِ الأوليةِ في المددرسةِ..فقد سارَ عا إلى تضميدِ قدمِ البنتِ بشكلٍ صحيحٍ.. قالَ حسانُ: الآن نستطيعُ أنْ نذهبَ إلى العيادةِ لاستدعاءِ الطبيبِ...فا لفتاةُ لنْ تتألم بعدَ الآنِ...

 

ردَّت سيدةُ البيتِ: لكنَّ العيادةَ بعيدةٌ فكيف ستذهبان؟ ردّ حسانُ: لا تقلقي يا سيدتي...فنحنُ سنذهبُ على الحمارِ وسنعودُ بالطبيبِ بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ...

 

 

 

 

 

وركبَ الطفلانِ الحمار...وبد أحسان يصيح فيه: هيا ..هيا أيها الحمارُ اللطيفُ...فأصحابُ المزرعةِ بحاجةٍ للطبيب... ويجبُ أنْ نصلَ بسرعةٍ... أرجو ألاّ تغضبَ معنا في الطريق...!

 

 

 

 

وفي الطريق...حيّاَ حسانُ وبتولُ العمالَ الذين كانو ا يشقونَ طريقاً جديدةً بواسطة الجرّ افات والسبارات الشاحدة الكبيرةِ...

 

 

 

 

وعندما بلغا النهرَ ...تساءلت بتولٌ قلقةً: كيف سنعبرُ النهرَ؟!.

 

 

 

 

 

 

 

 

عندءذٍ: تقدمَ حسانُ منَ الحطابينَ  وشرحَ لهما مهمتهما العاجلةَ...فصنع الحطابون لهما عبارةً خشبيةً وعبرا بها النهرَ بأمانٍ...

 

 

 

 

ولما وصلا المدينةَ راحا يسيرانِ في الطريق...بين السياراتِ..وكان شرطيُ السيرِ يصفرُ...أما الحمارُ الجاءعُ...فقد خطف َ باقةَ ورد من إحدى السيدات و أخذَ يأكلها...

 

فصاحت السيدة..يالك من حمارٍ أحمقَ...كم أنت أحمقُ..!!وتدخل شرطيُّ السيرِ وأخرجهما منَ الطريق...وعادَ كلُّ شئٍ إلى وضعهِ الطبيعيِّ...

 

 

 

 

وحينَ وصلا إلى َ الطبيبِ..لبا ندا ءهما...ودعاهما للعودةِ معهُ في سيارتهِ المكشوفةِ..

فسألهُ حسانٌ..وماذا سنفعلُ بالحمارِ الصغيرِ؟؟!

فقال الطبيبُ:سنضعهُ في صندوقِ السيارةِ الخلفي..ونعيدهُ معنا.

وكانت الرحلةُ بالسيارةِ شاقةً..وهي تقطعُ الطريقَ الوعرةَ إلى القريةِ..وكم شعر َ الحمارُ بالخوفِ في هذهِ الرحلةِ...

 

 

 

 

 

 

وبعدَ ساعتين..استطاعَ حسانٌ وبتولُ أن يصلحا الدراجةَ بمساعدةِ السيد أحمد.. فشكراه على معروفهِ...وغادرا المزرعةَ بعدَ أن ودعا الحمارَ اللطيفَ..الذي كانَ خيرَ عونٍ لهما

 

مخيم الكشافة

في مخيم الكشافةِ

في هذه السنةِ...شاركَ أيضاً حسانٌ ودانه في مخيمِ الكشافةِ بالقرب من الجبلِ...قالَ حسانُ: لنذهبْ...ولنكتشفْ ما حولنا. 

وفي الطريقِ..قابلا شاباً حزيناً...يجلسُ على السياجِ الخشبي...فقالت دانه:مرحباً...نحنُ كشافةٌ...إننا نقيمُ معسكراً في الأ على بالقرب من النهرِ. 

ردَّ الشابُ: أنتُمْ محظوظونَ...لأنّكم كشاّ فةٌ...أما أنا فأنني أمضي يومي في رعي الماعزِ...وأقومُ بأ عمالِ المزرعةِ وحدي...أنا أعيشُ معِ جدّي وجدّتي, وهما عجوزان مسننانِ...ولا يستطيعان فعلَ أي شئٍ.

 

وتابعَ الشابُّ قاءلاً: أنا أسمي واءلٌ...مارأيكُما أنْ تأتيا معي إلى مزرعتنا! وتتعرفا على جدّي وجدّتي؟ وحين وصولهم إلى البيتِ رحّبَ بهما الجدُ  وسألهما: هلْ أنتما غريبانِ؟!

 

ردَّتْ دانه: نحنُ كشّافةٌ ونقيمٌ معسكراً على الهضبة مع أصدقاءنا ونودُّ أن نساعدكُمْ في أعمال مزرعتكم...إنْ سمحتُمْ لنا بذلِكَ...

 

 

وعندما عادا إلى تامعسكرِ...شرحا الأمر لأصدقاءهم قالَ حسام لحسانَ: إنَّ فكرة دانه فكرةٌ جيدةٌ.

  

وأضافت رولا: لنذهب إليهم في الحال...فهذا سيجعلُ نزهتنا أكثر متعةً...وهكذا انطلقَ الأطفالُ فرحينَ إلى مزرعةِ واءلَ...

 

وعندما وصلوا...بد ووا يعملونَ بجدٍ ونشاطٍ...وقالَ لوي:لمْ أكن أعرفُ أنَّ حلبَ البقرةِ أمرٌ صعبٌ لهذا الحدِّ...فردَّ عليهِ واءل: تابعِ العملَ يالوءيّ جيداً...فالإنسانُ يتعلمُ منْ عملهِ...

 أما حسام وحسان...فكانا ينقلان القشَّ لضعاهُ في إسطبلِ الخيولِ... وكانت دانه ورو لا تكنسانِ حظيرةَ الأبقارِ.

 وبعدَ أنْ انتهوا من الإسطبلِ...قالَ لهمْ صاحب المزرعة العجوز: هل يمكن أنْ تقطفوا لي ثمارَ شجرةِ التفاحِ؟ فزوجتي ستصنعُ لكمْ منه مربي التفاحِ اللذيذِ.

وتعبَ المسكينانِ حسانٌ وحسامٌ...وهما يقومانِ برفع لوءيٍّ السمين... فقد كان َ يحاولُ أنْ يتسلّق شجرةَ التفاحِ...ولكنه لمْ يفلحُ...فلم يستطيعِ الارتفاعَ أكثر من ذلك,,

 وبعدَ انتهاءِ قطافِ التفاحِ...قالَ لهمُ العجوزُ :أهنءكمْ ياصغاري من كلّ قلبي...لقد أحسنتمُ العملَ...وها هو لوءيٌ قد وجد َ عملاً مناسباً له أكثر منْ تسلُّقِ الأشجارِ.

 فقد اخذَ لوءي يسحبُ الماء من البءرِ ليعطيهُ لحسانٌ وواءلَ  فيرويان الخضارَ المزروعةَ...وكان الثلاثةُ يشكلونَ فريقاً راءعاً.

 وفي نهايةِ اليومِ ..كانَ الأطفالُ في غاية التعبِ...ولكنهمْ أيضاً في غاية السرورِ...فقد قدموا أعمالاً جيدةٌ للعجوزانِ.

وركبَ الجميعُ العربيةَ الخشبيةَ...وتركَ واءلٌ العانَ لحسانَ ليقودَ الحصانَ...وودعَ الأطفال السعداءُ العجوزين وشكروهما على مربىّ التفاحِ.

 عندما عادوا إلى المعسكرِ...روى الأصدقاءُ للمشرفِ ما قاموا به منْ أعمالٍ...فقالَ لهمُ المشرفُ: أنا فخورٌ بكمْ  أيها الصغارُ فقد فهمتمٌ الآن أنَّ عملَ الخيرِ يدخل السرور إلى القلبِ.

 

 

 

 

 

كان طفلان يتيمان يعيشان  في وسط الغابة اسمهما  سامر وليلي... و كان سامرٌ يذهب في كلَّ صباحٍ  برفقة كلبهِ , ليجمع الحطبَ....

وعندما كان ينتهي من جمعِ الحطبِ ... كان كلبهُ الوفيُّ يقودهُ  إلي أقصرِ ممراتِ الغابةِ , والتي  يعرفها جيداً... وكانت الحيو اناتُ لا تهربُ من أمامهما... لأنهما اعتادت علي سامرٍ و عرفت أنهُ لن يوء ذيها.

 

 

وكان الطفلان يقودان  أغنامهما في كلّ يومٍ إلي السهول لترعي...و كان  الكلبُ يسيرُ من ور اءهما ليعيدَ كلَّ  غنمةٍ ضالةٍ عن القطيعِ....

 

 

 

وفي المرعي... قابلً الطفلانِ صديقهما طارقاً وكان طارق يصطحبُ معه كلبينْ جميلينْ  فحيّا هما وقالَ لهما: لقدْ أحضرتُ لكما هذّيْن الكلبَيْن ليسا عد اكما في رعي الأغنام بدلاً عنْ كلبكمُ  العجوزِ وفهم الكلب العجوزُ أنَّ لم يعد أحداً  يريده... لذلك قرَرَ الانسحابَ بهدوءٍ...

 

 

وراحَ يمشي وهو َ يفكِّرُ... كيْفَ يستعيدُ مكانتهُ عند الطفلين وحينما وصلَ إلي النهر نظرَ في الماء فوجدَ  صورةَ كلبٍ عجوزٍ تعبٍ عند ءذٍ قال في نفسهِ: إنني سأكون عد يم الفاء دةِ لسامرٍ وليلي... وقدْ  أكون عبعاً ثقيلاً  عليهما بدلَ أنْ أساعدَهما... لذلكَ لنْ أعود إليهما...

 

وفجأةً... انتبه الكلبُ الوفيُّ... إلي اشتعالِ حريق في الغابةِ أخذ الحريقُ ينتشرُ بسر عةٍ باتجاهِ المرعي... فقالَ الكلبُ في نفسه: عليَّ أنْ أذهبَ بسرعةً إلي سامرٍ وليلي وأحذّر همْا من الحريق قبل أنْ يفوتَ الأوانُ...

 

 

فأنطلقَ الكلبُ يسر عةٍ  كبيرةٍ إلي المرعي... وحين وصوله أخذ ينبحُ بقوّةٍ أمام للصغيرين حتي ينتبها إلي النّارِ ...وحين انتبهت ليلي للنارِ جمعتِ الأ غنام يسرعةٍ...

 

 

 

وحمل سامرٌ الكلبَ العجوزَ التعب بيدٍ و أ مسكَ أ ختهُ باليد الاْخري و أخذا يركضان بكل قوتهما... وفجأةً  بدأت الغيوم الضخمةِ  تتجمعُ فوق الغابةِ ... وهطلت الأ مطارُ بغزارةٍ... و هكذا... أراد الله أنْ تخُمدَ النارُ....

 

 

 

وعندما دخلوا إلي البيت... قالت ليلي وهي تخضّرُ  الطعام...إن كلبَنا المسكينَ سيكونُ ضيفَ شرفٍ علي ماءدتنا اليوم.... ورد سامرٌ قاءلاً :أنهُّ كلبٌ شجاعٌ وهو َ  يستحق أن يأخذَ وجبتيْ طعامٍ دفعةً واحدةً... فا للهُ أعلمَ...ما كانَ يمكن أنْيحدثَ لولا أنْ حذّرَنا من الحريق... فافتخرَ الكلب بنفسه لأنهَُ استطاعَ أنْ يكونَ مفيداً للأخرين علي الرغم من عجوزه...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
toplam 56353 ziyaretçiziyaret etti
 
Bu web sitesi ücretsiz olarak Bedava-Sitem.com ile oluşturulmuştur. Siz de kendi web sitenizi kurmak ister misiniz?
Ücretsiz kaydol